إن خصوصية التحكيم باعتباره أداة لتحقيق العدالة تكمن في كونه أداة اتفاقية فالالتجاء إلى التحكيم رهين باتفاق الأطراف على طرح نزاعهم على من يرتضونه قاضياً بينهم. وإجراءات التحكيم وضوابط الفصل في الدعوى رهينة بما يرتضيه هؤلاء الأطراف. وفي ذلك لا يكاد التحكيم يختلف في المجتمعات المعاصرة عنه في المجتمعات القديمة التي كانت تفتقد سلطة ق...
قراءة الكل
إن خصوصية التحكيم باعتباره أداة لتحقيق العدالة تكمن في كونه أداة اتفاقية فالالتجاء إلى التحكيم رهين باتفاق الأطراف على طرح نزاعهم على من يرتضونه قاضياً بينهم. وإجراءات التحكيم وضوابط الفصل في الدعوى رهينة بما يرتضيه هؤلاء الأطراف. وفي ذلك لا يكاد التحكيم يختلف في المجتمعات المعاصرة عنه في المجتمعات القديمة التي كانت تفتقد سلطة قضائية عامة منظمة.لكن التحكيم في المجتمعات المعاصرة يتميز مع ذلك بملامحه الخاصة به، وكانت هناك تنظيمات وطنية وتنظيمات دولية اتخذ الاهتمام بالتحكيم عندها منحى آخر، تمثل في إنشاء مراكز التحكيم الدائم، سواء على المستوى الوطني، أو على المستوى الإقليمي، ولكل من هذه المراكز نظامه الخاص، في اختيار المحكمين وفي الإجراءات الواجبة الاتباع أمام المحكم. في هذا الإطار يأتي هذا الكتاب الذي يضم دراسة شاملة للتحكيم تأخذ بعين الاعتبار كافة التنظيمات، الوطني منها والدولي والإقليمي، الرسمي منها وغير الرسمي، وما تتركه من آثار على النظام القانوني الذي يخضع له اتفاق التحكيم وإجراءاته وأحكامه.وقد حرص المؤلفان على أن تكون هذه الدراسة خادمة لكافة المهتمين بأمور التحكيم على مستوى العالم العربي. لذلك فقد تم التطرق إلى أكبر عدد ممكن من قوانين التحكيم في الدول العربية وذلك من خلال اتباع منهج خاص قوامه اتخاذ القانون المصري عصباً للدراسة، مع الاكتفاء بتسجيل ما تتميز به القوانين الأخرى من فوارق كل في موضعه.وقد وقع الاختيار على القانون المصري ليكون عصباً لهذه الدراسة، ليس فقط لأنه يعبر عن الخطوط العامة في القوانين العربية الراهنة دائماً كذلك لأن قانون التحكيم التجاري الجديد في مصر قد بني على أحدث الأسس التي يقوم عليها التحكيم في أكثر البلاد تقدماً على نحو يرشحه لأن يكون نموذجاً تحتذيه البلاد العربية الراغبة في تطوير نظم التحكيم الخاصة بها. وقد جاء هذا المؤلف مكوناً من خمسة أقسام: القسم الأول: وضع التحكيم من معطيات النظام القانوني الكلي. القسم الثاني: اتفاق التحكيم. القسم الثالث: خصومة التحكيم. القسم الرابع: حكم التحكيم. القسم الخامس: تنفيذ حكم التحكيم الأجنبي.