قليل الكلام، عميق التفكير كثيفة، دائم التيقظ وكأن شيئاً ما، يعتمل بداخله!! أهي الأفكار أم الهدير الداخلي الذي يتملكه ويتكلم عند باستمرار، لا تعلم!! مأخوذ دائماً بشيء ما.. وتقطنه عوالم ليست بعوالمك فيسافر إليها على متن أفكاره وأحاسيسه، فيسكنها ويحلق فيها كالطائر في كونه الفسيح!! حذر، مثنة، نشط باستمرار... ذلك هو الشاعر والناقد وا...
قراءة الكل
قليل الكلام، عميق التفكير كثيفة، دائم التيقظ وكأن شيئاً ما، يعتمل بداخله!! أهي الأفكار أم الهدير الداخلي الذي يتملكه ويتكلم عند باستمرار، لا تعلم!! مأخوذ دائماً بشيء ما.. وتقطنه عوالم ليست بعوالمك فيسافر إليها على متن أفكاره وأحاسيسه، فيسكنها ويحلق فيها كالطائر في كونه الفسيح!! حذر، مثنة، نشط باستمرار... ذلك هو الشاعر والناقد والباحث المفكر الدكتور منيف موسى... مثقف من نوع آخر!! لم أشهد علاقة قط أوثق من علاقته بالأوراق والكتب والمعاجم على أنواعها!!! تقابله، فتشعر أنه دائم الانشغال بعالمه الخاص، عالم مختلف تمام الاختلاف عن عالمنا المادي، الموضوعي. يسكنه التأمل والدهشة ويأخذه السحر بعيداً بعيداً إلى بلاد غريبة... وتتصاعد بداخله نغمات هي مزيج من "كونسوتو" و"بوليرو" , "سيمفونيات"... كما تتداخل في نفسه أوتار هي من صنيعه هو وحده. أنغام، اهتزازات، أصوات ترددات، موجات... إيقاعات ألحان!! سلالم موسيقية تعزف مجتمعه... سلّم المنيور... سلم المأجور... السلالم الملوّنة! التوافقات الهارمونية... الآلات الوترية... الكمان، الفيولا، الفلوت، الترونبيت يقودها جميعاً "virtuose" أو "مايسترو" بالغ المهارة، ليس إلا الشاعر نفسه، فتصل به هذه الموسيقى الداخلية تصاعداً حتى السماء!! مجنون عزف يدعو الشاعر إلى كتابة قصائده السمفونية، في أجواء لجنية متعددة، تسودها أعياد الألحان وأعراس الصور وهمس النغمات ورذاذ موسيقي يعانق السماء خالقاً دوائر موسيقية ساحرة، تدعو فعلاً للإصغاء!! هذه الدوائر الموسيقية يرسمها الشاعر بالكلمات، فنرى الكلمات تتصاعد بحركات انهمار وتحوم تحريم الفراشات حول القناديل التي يكثر عنها الكلام في ديوانه! يحمل منيف موسى في داخله "سوناتة" السيمفونية حيث تصبح في أدبه الأوتار كلمات والتعبير البلاغي العازف السيمفوني العبقري الأعظم!! هذه الترانيم الداخلية البالغة الصفاء تدعو شاعرنا للسفر الطويل والعميق في "نوتا" العيون التي تحتل قصائده، لأن عالم العيون هذا قائم بعينه في جميع قصائد إنتاجه الشعري الغزير... كيف لا والعيون توازي النور في ديوانه الذي إن صحت فيه تسمية أو نعت، لنعته بديوان "الضياء" أو ديوان "النورانية" أو مجموعات قصائد "النار والنور...".