نبذة النيل والفرات:يعيش أكثر من ثلثي سكان العالم في الوقت الحاضر في بلاد متخلفة اقتصادياً، تهيئ لهم قدراً من حاجتهم، وأسباب معيشتهم أقل مما تهيئة لأمثالهم تلك البلاد التي حظيت بنصيب أوفر من التقدم والنمو الاقتصادي. فسكان هذه البلاد يكافحون كفاحاً شديداً في سبيل العيش نتيجة للانخفاض المستمر في مستوى الدخل الحقيقي الذي يحصل عليه ا...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:يعيش أكثر من ثلثي سكان العالم في الوقت الحاضر في بلاد متخلفة اقتصادياً، تهيئ لهم قدراً من حاجتهم، وأسباب معيشتهم أقل مما تهيئة لأمثالهم تلك البلاد التي حظيت بنصيب أوفر من التقدم والنمو الاقتصادي. فسكان هذه البلاد يكافحون كفاحاً شديداً في سبيل العيش نتيجة للانخفاض المستمر في مستوى الدخل الحقيقي الذي يحصل عليه الفرد، مع ما نتج عن ذلك من انخفاض في مستويات التغذية والتعليم.وترجع هذه الزيادة المطردة في عدد السكان إلى ارتفاع معدلات المواليد في الوقت الذي تنخفض فيه معدلات الوفيات بشكل واضح سنة بعد أخرى بسبب تقدم الطب الوقائي ومقاومة كثير من الأمراض الفتاكة، واستخدام المبيدات الحشرية، ومكافحة الأوبئة. وقد لاحظ أبناء هذه البلاد المتخلفة أنهم أصبحوا أفقر نسبياُ مما كانوا عليه منذ سنوات قلائل فطالبوا بضرورة تنمية مواردهم الاقتصادية، والعمل على مضاعفة إنتاجهم المادي، ورفع مستوى معيشتهم.وقد استجابت معظم حكومات الدول المتخلفة لمطالب أبنائها، فسارعت إلى العمل على تنمية مواردها الاقتصادية، للاستزادة من الإنتاج المادي، غير أن صعاباً جمة قد واجهت تلك الحكومات بصدد تنمية مواردها الاقتصادية تنمية عاجلة، الأمر الذي أدى إلى ضآلة جهودها وتأخر قيام التنمية فيها. ولعل أهم ما واجهته هذه الحكومات من صعاب هو كيفية تدبير الأموال اللازمة لبدء عملية التنمية الاقتصادية والاستمرار فيها.أضف إلى ذلك أن الشروط العديدة التي تفرضها مؤسسات التمويل الدولية على منح قروضها من جهة، وتسلط بعض العوامل السياسية على توجيه دفة سياستها الائتمانية من جهة أخرى، قد حال دون حصول هذه الدول على الأموال اللازمة لتنميتها من تلك المؤسسات. لذلك كان طبيعياً أن توصي كافة المؤتمرات الدولية التي عقدت تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة لبحث مشكل الدول المتخلفة، بأن تقوم الدول الكبرى بأقراض الدول المتخلفة الأموال اللازمة لتنمية مواردها الاقتصادية، والأخذ بيدها في غير تعنت وبدون محاولة استغلال ضعفها أو فقرها، حتى إذا تحسنت أحوالها، أمكنها رد القروض، والوقوف على قدميها كدولة لها كيانها واستقلالها بين مجموعة الدول.وما كادت هذه الدول تحصل على الأموال اللازمة لتنميتها عن هذا الطريق حتى اندفعت في تنمية مواردها الاقتصادية في شتى النواحي. غير أنها لسوء الحظ ما كادت تسير في تنميتها، متلهفة على نتائجها، حتى اصطدمت بعقبات وصعاب لم تكن تدر في خلدها، مما لم يمكنها من تحقيق أغراضها.وأمثلة هذا المصير كثيرة فيما حدث في السنوات الأخيرة في كثير من الدول المتخلفة حيث واجهتها صعوبات عديدة في سبيل تنفيذ مشروعات التنمية بها ومرجع ذلك هو الاندفاع في عملية التنمية دون دراسة وتوجيه. لذلك نجد أن الاتجاه الحديث في معظم الدول المتخلفة في الوقت الحاضر هو نحو إقامة تنمية مواردها الاقتصادية على أساس من التخطيط الشامل الذي يتناول كافة قطاعات الاقتصاد القومي، ويضمن تحقيق التوازن في نمو هذه القطاعات.وعموماً فهذا الكتاب يهدف إلى دراسة مشكلة التخلف الاقتصادي دراسة تحليلية تعتمد على الحقائق والأرقام، بحيث يمكن في ضوئها الوقوف على حقيقة المشكلة ومعرفة أسبابها ونتائجها، كما ويهدف إلى دراسة التنمية الاقتصادية باعتبارها الحل العملي السريع للمشكلة.