أشواك الجليل" رواية تحمل في طياتها كل المقاييس، لا بل تطرح بحسب قول الدكتور "ناجي معلوف" جديداً من الرؤيا، وفي الأسلوب. وتفتح أمام القارئ آفاقاً حول البعد الإنساني للرواية، ما حاد عنه مؤلفها لحظة واحدة طيلة استرساله في نزف جرح الكتابة، كما ويدهش القاص في الموضوعية فهو يتحيز لشخصية ما، ويرذل الأخرى ولكن لفترة قصيرة، إذ فجأة تقفز ...
قراءة الكل
أشواك الجليل" رواية تحمل في طياتها كل المقاييس، لا بل تطرح بحسب قول الدكتور "ناجي معلوف" جديداً من الرؤيا، وفي الأسلوب. وتفتح أمام القارئ آفاقاً حول البعد الإنساني للرواية، ما حاد عنه مؤلفها لحظة واحدة طيلة استرساله في نزف جرح الكتابة، كما ويدهش القاص في الموضوعية فهو يتحيز لشخصية ما، ويرذل الأخرى ولكن لفترة قصيرة، إذ فجأة تقفز إلى الواجهة مبررات وأسباب ودوافع إنسانية تجعله ينصب بوعي أكبر، ويوازي بين الشخصيات: فشرف الدين يفكر بقتل ابنته التي جلبت له العار، لكنه يكتشف أنه مسؤول أيضاً عما حل بها، فيعدل عن قتلها. وكفاح صاحب الماضي السيئ، يعيش فترة زواج مستقرة في البداية ليعود فيتحول... وصالح ينتقل من رحم إلى آخر، وكلما اصطدم بحدث يتحول من إنسان إلى نقيضه.. والأمر نفسه بالنسبة إلى باقي الشخصيات.هذه التحولات التي تلقي بثقلها على الجميع، وعلى كل الأحداث في الرواية، هذه التحولات كأنها القدر كما في التراجيديا الإغريقية، كأن الدكتور نبيل خليل يريد حماية الإنسان من القدر المحتم الذي يطلق حممه على الجميع بالتساوي... ونصل أخيراً إلى الأسلوب: فيقول أن هذه الرواية تضم زخماً كبيراً من الصور، فالقارئ يشاهد بوضوح متسلسل أخاذ، العبارات والمقاطع، وكأنه أمام فيلم سينمائي مكتمل بالتقنيات الحديثة، يسمع الأصوات أيضاً يميزها. يأنس لها أو ينفر منها، تبعاً للحالة وللتصرف ولانتماء ولالتزام كل منها.شيقة هذه المقاطع التي يبدأ أغلبها بـ"فلاش إن- Flash in" وتسأل نفسك: ماذا يحدث؟ أين أصبحنا؟ لتكتشف، بعد قليل، أن هذه المفاجأة الجديدة في أسلوب المؤلف، إنما هي من خميرة خياله وخبرته التقنية، وأنها حافز جديد لتفتح عينيك كقارئ، ولتدهش، ولتتشوق إلى معرفة النهاية. وهذا وحده كاف ليمنعك من إزاحة الرواية عن يديك، وعن صدرك، قبل إتمام القراءة حتى الصفحة الأخيرة، حتى العبارة الأخيرة...عاد معها إلى المخيم وطناً بديلاً. دخل إلى هناك تتملكه الحيرة والقلق، فكيف يستبدل المدينة بالمخيم؟ وكيف قبل جده بالمخيم بديلاً للوطن؟ وهل اختار اللجوء بملء إرادته؟ أم أنه أجبر على ذلك صوناً لما هو أقدس من الديار؟ فمن يقايض العزة بالمذلة؟ وهل يصان ملكوت الكون بعد فقدان الذات والهوية؟