اصطفى الله عزّ وجلّ محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وقلّده أمانة البيان لكتابه، وأدّبه فأحسن تأديبه، وتفضل عليه بأن أتاه جوامع الكلم مفصل الخطاب، واخُتصِر له الكلام إختصاراً، ومما يتجلّى به هذا الفضل العظيم، وتعطي آثاره عطاءها في البيان على تنوع آفاقه؛ ما تقع عليه في "القصص في السنة النبوية...
قراءة الكل
اصطفى الله عزّ وجلّ محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخاتمة إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وقلّده أمانة البيان لكتابه، وأدّبه فأحسن تأديبه، وتفضل عليه بأن أتاه جوامع الكلم مفصل الخطاب، واخُتصِر له الكلام إختصاراً، ومما يتجلّى به هذا الفضل العظيم، وتعطي آثاره عطاءها في البيان على تنوع آفاقه؛ ما تقع عليه في "القصص في السنة النبوية" في روعة البيان، وجمال الأسلوب الأخّاذ، والبلاغة الأسرة في الأداء، والفصاحة المنوَّرة بالسناء.كل أولئك إلى كونه زاخراً بالعطاء، فيّاضاً بالعبر والدروس على طريق الهدي المحمدي، الذي لا يفتأ يشدك إلى الغايات الكبار على ساحة ما يراد للفرد والجماعة والأمة من البناء المكين، الموصل إلى ما فيه السعادة في الدنيا والنجاة يوم الدين.وتجدر الإشارة هنا إلى أن القصص - بفتح القاف - أن يبين القاصّ للأخبار أحسن بيان عنها، وأحسن البيان يعني أبدعه طريقة وأعجبه أسلوباً وأصدقه أخباراً وأجمعه حِكماً وعبداً، إذا حدثت به على وجهه، أما القِصص - بكسر القاف - فجمع قصة، وإذا كان الأمر كذلك فعندما يدار الحديث حول ما قصَّه النبي صلى الله عليه وسلم مما بث في السنة النبوية المطهر؛ سواء أكان ذلك في العصر النبوي أم في عصور خلت، مما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم، عندما يدار الحديث على هذا السنن لا بد من إستذكار الموقع المستنير المتميز لقصص السنّة في الهدي المحمدي على طريق الدعوة الربانية والإعتبار وتبيان ما تدعو الحاجة في القصة إلى تبيانه، من أحكام الإسلام وأخلاقه وآدابه - وقد يكون ذلك بالكلمة كما يكون بالقدوة والعمل - وتربية الأمة تعليماً وتثقيفاً على خير منهج وأسمى طريقة.وليس ذلك فحسب؛ بل ومكان هذا القصص المرموق في تزكية النفوس، وإنارة العقول، والإعتبار ما جرى في سالف القرون، وتنقية القلوب من كل ما يتنافى مع التوحيد الخالص لله عزّ وجلّ، كيما تكون على المدى موصولة ببارئها، مذعنة له بخالص الإنقياد... الأمر الذي يجعل الأهم في التعامل مع القصة: إستلهام عطائها الهادي الذي يشرق به بيان الرسول الفاذّ صلى الله عليه وسلم، تم ما تنطق المشاهد والتصرفات.وهذه العلامة بتبليغ الرسالة وبيانها وإعداد المؤمنين لتمثلها والعمل بها جعل من القصص في السنّة النبوية سلاحاً فعالاً مباركاً على طريق الدعوة وفتح مغاليق العقول والقلوب والساحة المسعة الأرجاء لبناء الإنسان والمجتمع والأمة وفق الهدي الرباني، ذلك بأنها عملت عملها - وما تزال - على مستوى الإقناع والتأثير، وإحداث التفاعل القبلي والعقلي مع الكلمة الهادية المتصلة بالسماء في كتابه الله عزّ وجلّ وسنّة المصطفى صلى الله عليه وسلم، ثم فُهوم الأئمة الربانيين.لذا، كان من الأهمية بمكان - وخاصته في العصر الحاضر - وحال المسلمين هي الحال - عرض القصة من قَصص السنّة النبوية الهادفة - وكل قصص السنّة المحكوم بقيولها عند علماء الحديث هادٍ هادف.من هنا، يأتي هذا الكتاب الذي يتناول قصص السنّة النبوية بشيء من الدراسة والتحليل، والكشف، من خلال التقديم والتعليق عما فيها من الدروس والعبر، والتوجيه النبوي الحكيم الناطق أو المستنبط في إستقلاء على قيد الزمان والمكان في محاولة لإسقاطها على العصر الراهن بكل إستشفافاتها.