من بين الحضارات التي عرفها العالم في العصور الوسطي -فيما بين أواخر القرن الخامس والقرن الخامس عشر للميلاد -تبرر الحضارة الإسلامية العربية لتحتل مكان الصدارة والزعامة ففي بوتقة هذه الحضارة التقت حضارات عديدة متباعدة عن بعضها البعض، كحضارة الصين والهند وفارس واليونان والرومان، وغيرها من حضارات منطقة الهلال الخصيب المعروفة منذ القد...
قراءة الكل
من بين الحضارات التي عرفها العالم في العصور الوسطي -فيما بين أواخر القرن الخامس والقرن الخامس عشر للميلاد -تبرر الحضارة الإسلامية العربية لتحتل مكان الصدارة والزعامة ففي بوتقة هذه الحضارة التقت حضارات عديدة متباعدة عن بعضها البعض، كحضارة الصين والهند وفارس واليونان والرومان، وغيرها من حضارات منطقة الهلال الخصيب المعروفة منذ القدم. وبين رحاب الحضارة الإسلامية اجتمعت العناصر الحضارية المرتبطة بالديانات السابقة في ظهورها علي الإسلام، وثنية كانت أو سماوية. وكان نجاح الحضارة الإسلامية العربية كبيراً، ليس في الاستفادة والتوفيق بين تلك الحضارات المتنوعة الأصول والمظاهر فحسب، بل أيضاً في حسن اختيار النافع من عناصر، ونبذ ما هو غير نافع. هذا إلي أن بناة الحضارة الإسلامية نجحوا في ابتكار وخلق عناصر حضارية جديدة أسهمت في الارتفاع ببناء الحضارة البشرية، بحيث تركوا هذا البناء أكثر شموخاً مما وجدوه عليه. والحق إنهم لم يتركوا علماً ولا فناً ولا أدياً، ولا ضرباً من ضروب النشاط البشري المفيد إلا أسهموا فيه بسهم كبير وافر. ومع كثرة ما كتب عن الحضارة الإسلامية العربية، فإنها ستظل موضع عناية الباحثين. فالموضوع خطير كبير متشعب، متعدد الجوانب، متفرع الأغصان، يتطلب المزيد -بعد المزيد- من جهود الباحثين. وهذا الكتاب الذي نقدمه للقارئ العربي، يتناول -كما يتضح من عنوانه- بعض جوانب من الحضارة الإسلامية العربية، اشترك في كتابتها ثلاثة من أساتذة الجامعات قي الوطن العربي، ربطت بينهم روابط الزمالة والتخصص نحواً من أربعين عاماً.