"وفيما كنت أقرأ الرسائل... عادت إليّ المرارة من جديد وكأنه يهجرني الآن، مراراً وتكراراً... وتذكرت أنني حينها، أحتقره أشدّ الإحتقار حتى أردت الإنتحار والموت... فقط لأحرق قلبه مدى الحياة، حتى أردت أن أبكي عينيه للأبد كما أبكي عيني وأحرقني في تلك الليلة... أردت الموت واستعددت له فقط لأقتله ألف مرة وأحرقه... نعم لهذه الدرجة جرحني......
قراءة الكل
"وفيما كنت أقرأ الرسائل... عادت إليّ المرارة من جديد وكأنه يهجرني الآن، مراراً وتكراراً... وتذكرت أنني حينها، أحتقره أشدّ الإحتقار حتى أردت الإنتحار والموت... فقط لأحرق قلبه مدى الحياة، حتى أردت أن أبكي عينيه للأبد كما أبكي عيني وأحرقني في تلك الليلة... أردت الموت واستعددت له فقط لأقتله ألف مرة وأحرقه... نعم لهذه الدرجة جرحني... ولهذه الدرجة أحتقره... لماذا الموت؟ لأنني لو بقيت حيّة سأضعف له وسأركض إليه وأرتمي بين ذراعيه وأنسى ما عانيت بسببه وأقول بسذاجة له: فداك الدمع وفدتك عيناي... ولا تزال الغيوم السوداء تحفر عينيّ بالدموع ولا تزال رائحة الدموع على خديّ.لماذا الموت؟ لأنني بالموت وحده أستطيع أن أغلبه، وأن أغلب ضعفي، لأنه يمنعني من مسامحة أخطائه التافهة، ولكنه كان ميتاً... وكل ذلك لم يكن سيجديني نفعاً... اشتقت إليه... إلى درجة أنني مستعدة للحاق به، قضيت ليالٍ طويلة أبحث عن مقص الطبيب في مكتبه... أبحث عن أي شيء يمكن أن يقطع، أو بالأحرى عن أية أداة حسية قاطعة... لأنه يمكن للكلمات أن تكون قاطعة... ويمكن للنظرات أن تكون قاطعة عندما تصبح الرموش سيوفاً فوق الأهداب.تسللت إلى المكتب وأخذت أبحث تحت السجادة وخلف اللوحات وأنا أفكر في نفسي: عليّ التوقف عن مشاهدة الأفلام البوليسية، رحت أبحث في ذاكرتي عن إشارة ما تقودني إلى متبغاي فأرود في نفسي جملة الطبيب المشهور: "سأقصى عليك حكاية جميلة" طبعاً ما أغباني... واتضحت الصورة في ذهني: ما الذي يمكن أن يقصى سوى المقص؟...فهرعت نحو المكتبة إلى كتاب الشعر الوحيد بين كتب الطب وقد حكم عليه، كما حكم سليمان الحكيم على الفيلسوف الخائن: أن يعيش بين أناس لا يفهمون ولا يقدّرون ما يفعل، وكان العقاب أشدّ عليه تعذيباً من حكم الموت...".يوميات تختلف عن غيرها من اليوميات... هي يوميات عشيقة عشقت الورقة والقلم... وعشقت المعاني والحروف... تأخذك الكاتبة لتعيش دوامة تلك العشيقة التي أبَتْ أن تدون سيرتها العاطفية ضمن أسلوب سردٍ إخباري عادي... لتدعك ترحل مع عباراتها وتقاسيمها إلى حيث المكان الأرحب للخيال والفلسفة والعاطفة والشفافية والبراءة... والإبداع... وحيث الحروف والكلمات والعبارات تتشكل ضمن سيارات من المعاني تبلغ بك حافة الألم والأمل واليأس والرجاء... وأنت في ذلك كله القارئ المسترسل والمتماهي مع يوميات عاشقة الورقة والقلم... عاشقة الحرف والكلمة والمعاني...