التمويل الإسلامي والاقتصاديات المعاصرة

أثارت الأزمة المالية العالمية، تساؤلات حول جدوى الاعتماد العالمي على نظام التمويل الرأسمالي التقليدي، وفي المقابل بيَّنت آثار الأزمة أن المؤسسات المصـرفية والمالية المعتمدة على نظام التمويل الإسلامي كانت الأقل تضـرراً؛ ما أثار اهتماماً كبيراً بهذا النظام ومبادئه وتطبيقاته على المستوى العالمي في السنوات القليلة الماضية، برغم أن المصارف العاملة بهذا النظام تعمل بنجاح، وعلى نطاق واسع، منذ سبعينيات القرن العشرين.لقد بدأت ملامح انتشار نظام التمويل الإسلامي عالمياً، خارج نطاق العالم الإسلامي، مع تأسيس كثير من المصارف الإسلامية؛ بوصفها مؤسسات مستقلة، أو من خلال استحداث وحدات إسلامية عاملة في المصارف التقليدية، في دول مثل: المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، كما يظهر الاهتمام العالمي بها بصورة عملية أيضاً، من خلال دراسة كثير من الدول غير الإسلامية للكيفية التي يمكن أن تُدخل بها آليات التمويل الإسلامي في نظامها المصـرفي، والقوانين الناظمة لذلك. ولكن، مع تزايد حجم التمويل الإسلامي وانتشاره عالمياً وتطوير عملياته وأدواته، يبقى حجم إسهامه في عمليات التمويل العالمية قليلاً حتى الآن؛ إذا ما قورن بنظام التمويل التقليدي؛ ما يعني أن قطاع التمويل الإسلامي بحاجة إلى النمو في الحجم، والتطوير في الأدوات المالية، والاستجابة للتحديات الكبيرة التي تواجهه.وهذا الكتاب يناقش كثيراً من المسائل المتعلقة بنظام التمويل الإسلامي، ومبادئه الأساسية، وآلياته وأدواته العملية، والإسهامات التي يقدمها، والمميزات والخصوصيات التي يتمتع بها، والتحديات التي يواجهها، وآفاقه المستقبلية. ويتناول مدى استجابته للأزمة المالية العالمية، وتقويمه؛ بوصفه نظاماً مالياً بديلاً بعد تلك الأزمة، والطلب عليه في العالم الإسلامي وخارجه، مع عرض حالتين دراسيتين: الأولى حول تطبيقاته في دولة الإمارات العربية المتحدة، والثانية حول استقبال آلياته في فرنسا.