... ثمة آخرين يستمعون ويصغون لكنهم لا يتكلمون، يستفيدون من الحديث الملقى في المجالات المعينة، ثم يغادرون المجلس ومعهم فائدة نالوها من الحديث أم لا، لا تستطيع تكهن ذلك حقاً جراء جلوسهم هناك بصمت، لأنهم لم يتحدثوا ولم يبادلوا الحديث بآخر، فتتوقف لديهم كل الكلمات، دون نتيجة مخرجة لما دخل في عقولهم.من ها هنا خرج عنوان هذا الكتيب "هل...
قراءة الكل
... ثمة آخرين يستمعون ويصغون لكنهم لا يتكلمون، يستفيدون من الحديث الملقى في المجالات المعينة، ثم يغادرون المجلس ومعهم فائدة نالوها من الحديث أم لا، لا تستطيع تكهن ذلك حقاً جراء جلوسهم هناك بصمت، لأنهم لم يتحدثوا ولم يبادلوا الحديث بآخر، فتتوقف لديهم كل الكلمات، دون نتيجة مخرجة لما دخل في عقولهم.من ها هنا خرج عنوان هذا الكتيب "هل فكرت؟"، أذكر فيه مقتطفات لأحاديثٍ - حقيقية أم من محض الخيال - جرت في المجالس التي وردتُ إليها، أدبية كانت نقاشاتها أم لغوية أو إجتماعية، إلا أنني جلبت منها ما ظننته مفيداً لأن يذاع مرة آخرى ويكرر على الأذهان لتعقلها وتسمعها، لتبدو تلك الكلمات التي سأسردها هنا، الجدالات والمواضيع المثارة، كأنما هي حديثٌ يسترق قارئ هذا الكتاب السمع فيه على ذلك المجلس، دون أن يعلم أي من اللذين حضروا تلك المجالس بذاك الإستراق، فيتم نقل النقاشات والأحاديث إليه على طبقٍ من ورق، دون تكلف عناء الزيارة لتلك المجالس، أو مصاهرة الكلفة في تقديم الحلواء، برفضها رغم قفز جوارح الروح لتذوقها، أو قبولها غصباً وقد بدى عليها القَطر فائضاً سكراً لا يرفع فيه الحرج من الرفض فتؤكل عنوة ومجاملة، كما أن هذا الإستراق يعتبر درءً لشعور الإحراج أو الخجل في طلب رخصة المغادرة.