دون اللاويون المتأثرون بتقاليد الشمال سفر التثنية، وتكونت على خطاهم مدرسة ألفت أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك، الأسفار المسماة تاريخية، أو ما سميناه التاريخ الاشتراعي. ودون الكهنة المعتصمون حول الهيكل، شرائع الذبائح والطهارة، وأحكام بناء الهيكل وآنيته، ثم ألفوا تاريخهم الخاص، فجعلوا محوره أورشليم، المدينة المقدسة، بسلالتها ا...
قراءة الكل
دون اللاويون المتأثرون بتقاليد الشمال سفر التثنية، وتكونت على خطاهم مدرسة ألفت أسفار يشوع والقضاة وصموئيل والملوك، الأسفار المسماة تاريخية، أو ما سميناه التاريخ الاشتراعي. ودون الكهنة المعتصمون حول الهيكل، شرائع الذبائح والطهارة، وأحكام بناء الهيكل وآنيته، ثم ألفوا تاريخهم الخاص، فجعلوا محوره أورشليم، المدينة المقدسة، بسلالتها الداودية، وهو الذي نسميه التاريخ الكهنوتي.ترك لنا الكهنة أسفار الأخبار، وعزرا ونحميا، بشكل مقال كبير فحدثونا عن أورشليم وهيكلها، وشعائر العبادة فيها، واعتبر التقليد اللاحق، أن ما جاء في حديثهم ، هو تكملة لما رواه أسفار صموئيل والملوك، وتشيد على دور سلالة داود، ونداء إلى المؤمنين، ليتعلقوا بجماعة الكهنة واللاويين.دون الكهنة "التاريخ الكهنوتي"، فجعلوا نصب عيونهم مدينة القدس، فحدثونا عن أورشليم، منذ بداية البشرية، عاصمة سلالة داود، وموضع هيكل سليمان، وحدثونا عن أورشليم، مدينة الجماعة الجديدة التي تضم في أسوارها العابدين للرب، السامعين لشريعته، العاملين بوصاياه.إلى أورشليم ترتفع الأنظار عندما قراءه التاريخ الكهنوتي وذلك لنفهم كما كتبه المؤرخ في أسفار الأخبار وعزرا ونحميا، ولا ينسى المسيحيين، أورشليم الأخرى، أورشليم السماوية.تسرد أسفار موسى الخمسة، تاريخ بني إسرائيل، منذ بداية الكون والإنسان، إلى إقامة بني إسرائيل في البرية، ليلة دخولهم أرض الميعاد، وذلك في إطار التقاليد الأربعة التي تعرفنا إليها: التقليد الألوهيمي حمل تقاليد الشمال، ولكنه تأثر بروحانية قريبة من تعليم هوشع وعاموس، عن الحياة الأخلاقية داخل الجماعة، والتقليد الكهنوتي نقل تقاليد الجنوب، ولكنه طبعها بروحانية الهيكل، فشدد على أهمية العبادة.وينطلق التاريخ الإشتراعي من خبر موسى، وإقامة الشعب في البرية، فيروي منا حدث لبني إسرائيل، منذ إقامتهم في أرض كنعان، إلى زمن الجلاء (587ق.م). أما التاريخ الكهنوتي، فيبدو أقصر من أسفار موسى والتاريخ الإشتراعي، ولكنه يغطي حقبة واسعة، تمتد منذ خلق البشرية إلى القرن الرابع ق.م. فيحدثنا، بالإضافة إلى ما سبق، عن زمن الجلاء (587-538)، والرجوع إلى أورشليم، وإعادة بناء الهيكل، وتنظيم الشعب في جماعة تيوقراطية، التي هي مدينة شعب الله منذ بداية البشرية، والتي هي مدينة الهيكل، حيث تجتمع الجماعة لتقدم للرب عبادتها، وتنتظر مخلصها مسيحاً على مثال داود وسائر الملوك الصالحين.وفي إطار كتابة التاريخ الكهنوتي يأتي الكتاب الذي بين يدينا والذي يمثل الجزء السادس من المجموعة الكتابية وعنوانه التاريخ الكهنوتي. وفيه تفسير لأسفار الأخبار الأول والثاني وعزرا ونحنيا والمكابيين الأول والثاني، ويسبق هذا الشرح لكل من هذه الأسفار، دراسة في اسم الكتاب وكاتبه وزمن كتابته وتصميمه والمواضيع الهامة التي يتطرق إليها.