لا يستطيع الباحث أن يخفي أن أبا العلاء قد أسهم بدور كبير في تحديد خطوات هذا البحث، وصياغة المنهج الذي نهجه الباحث. ولقد جاء البحث في ثلاثة أقسام، سبقت بتمهيد عن قضية "المثقف والعصر" بوصفها قضية عامة، جديرة بالمناقشة. يأتي القسم الأول في فصول ثلاثة، يتناول الفصل الأول منها الإطار السياسي، ويرصد الفصل الأول فكرتين: الأولى: انقسام ...
قراءة الكل
لا يستطيع الباحث أن يخفي أن أبا العلاء قد أسهم بدور كبير في تحديد خطوات هذا البحث، وصياغة المنهج الذي نهجه الباحث. ولقد جاء البحث في ثلاثة أقسام، سبقت بتمهيد عن قضية "المثقف والعصر" بوصفها قضية عامة، جديرة بالمناقشة. يأتي القسم الأول في فصول ثلاثة، يتناول الفصل الأول منها الإطار السياسي، ويرصد الفصل الأول فكرتين: الأولى: انقسام الدولة الإسلامية إلى دول متنازعة متنافرة، فدولة الديلم في العراق وفارس ثم بغداد، ودولة العلويين في طبرستان، ودولة بني سامان فيما وراء النهر، ودولة اسبكتكين في الهند، وأفغانستان، ودولة الحمدانيين في الجزيرة، والدولة الأخشيدية في مصر، والدولة الفاطمية في أفريقيا ثم الشام وبلاد العرب مع مصر بعد ذلك.أما الفكرة الثانية: فيتناول الدول التي اتصل بها أبو العلاء المعري، وكان لها التأثير في مجرى حياته، وهذه الدول هي: دولة بني حمدان في حلب، دولة الفاطميين في مصر والشام، دولة الديلم في بغداد. وإذا كان الفصل الأول يتناول الإطار السياسي للدولة الإسلامية فقد تناول الفصل الثاني الإطار الثقافي. وقد حاول الباحث أن يجيب عن سؤال جاء على وجه التالي: هل تأثرت الثقافة بالتحولات السياسية في هذا العصر؟وبعد أنت انتهى من الإجابة عن ذلك السؤال من وجهة نظره، أخذ في تناول الإطار الثقافي مبرزاً الأنشطة الثقافية. أولاً: في اللغة والأدب، ثانياً: في الميدان الثقافي، ثالثاً: علم الكلام، رابعاً: ميدان التصوف.وفي الفصل الثالث من هذا القسم، يتناول الباحث المصادر الثقافية لأبي العلاء، التي كانت على محاور ثلاثة: وقد تمثل المحور الأول في الثقافة العربية. أما المحور الثاني فقد تناول ثقافته اليونانية، ومدى إسهام مدن الشام في تغذيته بهذه الثقافة، ودراسته للديانة اليهودية والمسيحية، وقد ناقش الباحث ما أثير حول هذا كله، متعرضاً لبعض الآراء التي طرحت في هذا الميدان. وقد تركز المحور الثالث حول رحلة أبي العلاء إلى بغداد، ولقائه بالثقافة الهندسية والفارسية، وما تحوي هاتان الثقافتان من تصورات في الدين والفلسفة، وموقفه من هذا كله.ونأتي إلى القسم الثاني من البحث، نرى الباحث يتناول فيه قضايا العصر من خلال طرح أبي العلاء لها في أدبه. وقد جاء هذا القسم في فصول ثلاثة.الفصل الأول تناول: يتناول قضية الحرية. وقد تناول الباحث هذه القضية مبرزاً المعنى العام للحرية، ثم مفهوم الحرية عند علماء الكلام، ليتناول بعد ذلك رؤية المتصوفة للحرية لينتهي إلى أبي العلاء ورؤيته للحرية. ولما كان الباحثون قد تناولوا فكرة الجبر منسوبة إلى أبي العلاء، فقد تناول الباحث هذه الفكرة، موضحاً ماذا تعني عنده، وصلة هذه الفكرة-أعني الجبر-بالفلسفة اليونانية، وتأثير هذه الفلسفة في ظهورها عند أبي العلاء.أما الفصل الثاني فقد تناول فقه الباحث قضايا العقيدة. وكانت أولى هذه القضايا التي توقف عندها قضية الألوهية. وقد حاول الباحث إبراز رؤية أبي العلاء للذات الإلهية، محاولاً الكشف من خلال النصوص العلائية-عن تأثير الفلسفة اليونانية في تكوين هذه الرؤية، موضحاً مواطن الاتفاق أو الاختلاف، مع متكلمي الإسلام حول هذه الرؤية. وكانت قضية النبوة، هي القضية الثانية التي تناولها الباحث، موضحاً موقف أبي العلاء من الأنبياء، محاولاً أن يجيب عن سؤال يراود كل باحث يقول: أكان أبو العلاء ينكر النبوة أن أننا أمام إنسان كان يعاني من حيرة في هذا المجال؟أما القضية الثالثة التي تناولها الباحث، هي قضية المصير. وقد حاول الباحث مستلهمها النصوص العلائية لمصير الإنسان أو نهايته، وموقفه من البعث، ومن فكرة تناسخ الأرواح التي قالت بها الفلسفة الهندية. ونأتي إلى نهاية الفصل، فنرى الباحث يتناول فيه قضايا الزمان والمكان، ورؤية أبي العلاء لهما-وتصوره للنشأة الإنسانية، وموقفه من قضية الخطيئة الأولى. ويتعرض الباحث-قبل أن ينهي هذا الفصل، إلى ما أثير حول إنكار أبي العلاء لبعض الاتجاهات التشريعية، ليوضح من دراسة للنصوص التي كان موضع مأخذ، وجهة نظرة فيما أثير حول هذه النصوص، ومن ثم، حول أبي العلاء.أما الفصل الثالث من هذا القسم، فقد تناول السياسة والمجتمع، من وجهة نظر علانية. ففي ميدان السياسة، حاول الباحث أن يكشف عن موقف أبي العلاء السياسي، وما وجه من نقد للملوك والأمراء، ورؤيته للعلاقة التي تصورها بيم الحاكم والراعية، أما في الميدان الاجتماعي، فقد تناول الباحث موقف أبي العلاء مع المجامع وما وجه إليه من نقد. وتطرق الباحث إلى عزوف أبي العلاء عن الزواج، وفلسفته الخاصة في المرأة. ثم ينهي الباحث هذا الفصل بمناقشة فكرة طرحها أحد الدارسين حول دعوة أبي العلاء إلى اشتراكية النساء.وفي القسم الثالث من البحث، تناول الباحث ما أشيع عن أبي العلاء من أفكار، كالعزلة، والتشاؤم، ولزومه ما لا يلزم في أدبه وسلوكه، مضيفاً إلى ذلك فكرتين أخريين: فكرة تحقيق الذات عنده، وبذور الشك في فكره، وقد تناول الباحث هذه الأفكار العلائية من منظور جديد تدعمها النصوص العلائية نفسها.