اللغة العربية وثقافتها خارج الوطن العربي

كان اختيار موضوع "اللغة العربية وثقافتها خارج الوطن العربي" لتدور حوله أبحاث ومناقشات المؤتمر العالمي الذي عقده المجتمع الثقافي العربي في بيروت تاريخ 25 و26 أيلول/سبتمبر 2003، اختياراً موفقاً. وقد حاضر فيها أعلام من الصين والهند وأندونيسيا وإيران وفرنسا وإيطاليا ورومانيا وألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وناقش موضوعاتها عرب يقيمون في الغرب ويسهمون بمؤلفاتهم ومحاضراتهم في جامعات عريقة بنشر ثقافتهم العربية والتعريف بما أعطته الحضارة العربية الرائدة للبشرية في غضون سبعمائة وخمسين عاماً، حاملة مشعل الثقافة زمناً جاوز عصر الإغريق الذهبي بضعفيه أكثر من أية حضارة أخرى.وليس من شك في أن الأبحاث التي قدمت أسهمت في إثراء الفكر وتعميق الإفادة من تبادل الخبرات والمعلومات والتصورات التي تصدّت للحضارة العربية وتفاعلها مع بلدان المنتدين وذلك بما تحمله من تطلعات تكتسب أهميتها من كونها تعبر عن حركة فكرية نشطة تتفاعل معها إرادات المتنورين الطيبة من مختلف أقطار العالم، والتي أسهمت بدورها، ولا تزال، في التعريف بالحضارة العربية وقيمها السامية وقدرتها على التفاعل الخلاق مع شعوبها، مروراً بتطوير العلاقات الثقافية مع العالمين العربي والإسلامي، وما صاحب ذلك من تغيرات سياسية وتحول في المناخ الثقافي العام وذلك في فترات زمنية مختلفة.في ضوء ذلك تم التخطيط للمؤتمر الذي تكلم فيه، ولأول مرة، علماء من غير العرب بلغة العرب وفي ديار العرب، وخرج الجميع بحوار بناء خصب لا خلفية له، وتم فيها تبادر وجهات النظر بوضع صياغة استراتيجية جديدة للتواصل المعرفي.وهنا يبرز السؤال: هل باستطاعة المثقفين، على اختلاف أوطانهم، وهم طلائع مجتمعاتهم، كسر بعض أسوار العزلة التي تفصل بعضهم عن بعض؟ الجواب أن هذا اللقاء التاريخي أثبت أن بإمكاننا جميعاً أن نتواصل ونتعارف وننطلق نحو مزيد من الحوار الفكري البناء وفتح أبواب جديدة تكون وسيلة للتفاهم والتآخي وأداة كحركة في اتجاه الأصالة الفكرية ووحدة الموقف والرؤى الإنسانية الخصبة بين البشر.وهذا الكتاب يضم خلاصة ما جاء وقدم في هذا المؤتمر من دراسات ومناقشات ومواقف وتوصيات، كما ويضم ملحقاً احتوى على صور فوتوغرافية لجلسات المؤتمر وللحاضرين من أعلام المجتمع والفكر.