"كان يعلن شيئاً ما... شخصاً ما، وهو يراقب مؤخرة تلك الماكنة الشحمية!، والتي زفوها له أو زفوه لها، ذات ليلة لا تنسى، ليلة... بكت فيها النجوم ومات القمر! طأطأ برأسه.. حزيناً، مثقلاً، فاقتربت منه ابنته.. تطوق عنقه بذراعيها، وتقبله على جبينه لحظة لمسة ذراعيها.. فماذا يشغل كاتبي الحبيب اللحظة؟! نظر إليها بأبوية حميمة، فإذا بفمها العن...
قراءة الكل
"كان يعلن شيئاً ما... شخصاً ما، وهو يراقب مؤخرة تلك الماكنة الشحمية!، والتي زفوها له أو زفوه لها، ذات ليلة لا تنسى، ليلة... بكت فيها النجوم ومات القمر! طأطأ برأسه.. حزيناً، مثقلاً، فاقتربت منه ابنته.. تطوق عنقه بذراعيها، وتقبله على جبينه لحظة لمسة ذراعيها.. فماذا يشغل كاتبي الحبيب اللحظة؟! نظر إليها بأبوية حميمة، فإذا بفمها العنابي يفتر عن ابتسامة من سكر.. نهض، فطوق بدوره رقبتها الطرية بذراعه الحنون.. لا شيء يا روحي.. حسبي ابتسامتك الحلوة هذه، فلأجلها أدفع، راضياً مرضياً، هذه السنوات الخمسين رخيصة بل وأكثر، لأجلك.. لأجلك.. أحتمل وأصبر.ز أوقف عربة حزن هذا اليوم.. يوم مولدي-هذا الشقي، والذي لولاك لكان يباباً.. لكان عتمة وظلمات-أين منها ظلمات القبور؟! عيد ميلاد سعيد يا أبي.. بك، يا حبيبة أبيك، وبك أنت فقط، يكون سعيداً.. بوركت.. لا حرمني الله منك، عوفيت، ومتعت بالحياة. و،،، سارا، معاً نحو غرفة نومه، ليستبدل ملابسه مرغماً، ويجهز نفسه مجبراً، لكأنه سيخوض حرباً خاسرة! لكن ليس مع عدو (شريف)ـ، للخسارة، أمامه، قيمها النبيلة!، بل كي يقوم، منتحراًًً! مع زوجته بزيارة كتلة أخرى (رهيبة!) من اللحم والشحم! ليس لها: ابتسامة من سكر!.".في أحجار أمية... نصوص من القصص القصيرة التي تغلب عليها النزعة التأملية، إذ تمتاح فيوضها من جدلية الصراع المحتدم، بين الدنيوي الزائل، والأخروي الخالد، وبين الواقعي الملحوظ المنشود، وبين الأسري الشخصي الخاص، والجماعي الإنسان العام، مما جعل الصياغة القصصية، تنساب على شكل بكائيات من الوجع الإنساني، ومراث في التجليات الروحانية...وعليه فإن ممدوح أبو دلهوم، في هذه المجموعة، يقدم روحاً مشعة بالفضيلة، تنزع إلى حضارة النفس العظيمة المتسامية، عن الزيف، والرذيلة، والمتعاطفة مع هو برئ، ونقي، في مجمل صيغ الحياة وأشكالها، ومن نحو آخر، فإن معماره القصصي في قصص: "مشيمة للصراخ الثالث"، "أحجار أمية"، "وريقات من دفتر الحزن" و"قرق آدمي"، هو معمار فني متقدم، يؤسس فيه الكاتب لنهج حديث في كتابة النص القصصي غير المقيد بعناصر القصة التقليدية. أما قصصه "ليلة السادس من تموز"، "زجاج النازف"، "نشيح على الجانب الآخر"ن فقد جاءت في مستوى قصص "اغتيال مدينة" بالنظر إلى الاسترخاء السردي فيها.