يشتمل كتاب "نحو فقه للمرأة يواكب الحياة" الذي تقدمه مجلة قضايا إسلامية للقراء على مجموعة أبحاث فقهية وثقافية تصوغ رؤى أولية, للشيخ مهدي مهريزي, وهو باحث يهتم منذ سنوات بأحكام المرأة في التشريع الإسلامي, ويسعى لمقاربة بعض القضايا الإشكالية في فقه المرأة, وصياغة موقف يواكب العصر, بالتوكؤ على الأدلة وترسم الأسلوب المتداول في الاستن...
قراءة الكل
يشتمل كتاب "نحو فقه للمرأة يواكب الحياة" الذي تقدمه مجلة قضايا إسلامية للقراء على مجموعة أبحاث فقهية وثقافية تصوغ رؤى أولية, للشيخ مهدي مهريزي, وهو باحث يهتم منذ سنوات بأحكام المرأة في التشريع الإسلامي, ويسعى لمقاربة بعض القضايا الإشكالية في فقه المرأة, وصياغة موقف يواكب العصر, بالتوكؤ على الأدلة وترسم الأسلوب المتداول في الاستنباط. ففي الفصل الأول تناول قضية "بلوغ الفتيات" باعتبار البلوغ منضماً إلى الحياة والعقل, هي ما جعله الشارع مناطاً للتكليف, فغير البالغ ليس مكلفاً, فدرس المؤلف حقيقة البلوغ, وطبيعة التحولات النفسية والفسيولوجية الحادة التي تطرأ على الإنسان بعد بلوغه, ونوع الظواهر والعلامات المتنوعة المصاحبة للبلوغ, حسب منظور علم النفس والطب الحديث, ثم تحدث عن اختلاف سن بلوغ الفتيات تبعاً للمناخ, ونوع الغذاء, والمحيط, والثقافة, والسلوك, وبعد ذلك رصد سن البلوغ لدى فقهاء القانون وفقهاء الشريعة, وخلص إلى أن المعيار في بلوغ الفتيات هو الحيض, ذلك أنه لا يتوفر في القرآن والسنة تفسير خاص للبلوغ, وإنما توجد إشارات إلى علاماته وظواهره الجسدية والنفسية.أما في الفصل الثاني فتناول قضية "تعدد الزوجات" في القرآن والسنة, والسيرة, والفقه, واستعرض الآراء في هذه القضية, وذكر المبررات التي يسوقها العلماء والباحثون المسلمون لتسويغ هذا التشريع, والضوابط الشرعية والمعايير القيمية والأخلاقية لتعدد الزوجات. وفي الفصل الثالث تكلم عن"الاستقلال المالي للمرأة" وذلك على أن ملكية المرأة بالطرق المشروعة غير منوطة بإذن أحد, فبوسعها التملك من خلال العمل, والإرث, والمهر, والنفقة, والهبة, وليس لإرادة الآخرين أي تأثير في تقييدها. وكما أن المرأة مستقلة في ملكيتها, كذلك هي مستقلة في التصرف والانتفاع المشروع بأموالها, فقد اتفق الفقهاء على استقلال المرأة في شؤونها المالية, ولم يقيدوا ذلك بإذن أحد.وعالج الباحث في الفصل الرابع موضوع "نكاح الصغيرة" والأدلة الفقهية التي تخوّل الأب والجد تزويج الفتاة غير البالغة, وحق الصغيرة في فسخ العقد بعد بلوغها, وانتهى في بحثه إلى عدم وجود دليل لفظي يمكن التمسك بإطلاقه أو عمومه على إباحة تزويج الصغار, لذلك لا بد من الاقتصار على الحد الأدنى, بشرط رعاية الولي للمصلحة, ومع عدمها يبطل العقد وإشراف الجهاز القضائي, وسن القوانين, والضوابط اللازمة لذلك. مضافاً إلى أن للصغار حق الخيار في فسخ عقد الزواج بعد البلوغ.وفي الفصل الخامس ذكر "الحضانة والولاية على الأطفال" والحقوق الفقهية للطفل وحدود الحضانة والولاية والعلاقة بينهما, وبيان فترة الحضانة, وغير ذلك, وأوضح أن حقوق الطفل تتسع لدراسات عديدة, وقد اكتفى بدراسة الموضوع في إطار حقوق المرأة خاصة, دون إبعاده الأخرى. وجاء بحث "ميراث المرأة" في الفصل السادس, وتناول فيه ظاهرة التوارث باعتبارها ظاهرة عريقة في الاجتماع البشري, اتخذت صيغاً متنوعة, واختلفت أشكالها حسب ثقافات وتقاليد ومعتقدات المجتمعات, وظل نصيب المرأة في الميراث على الدوام إما معدوماً أو تافهاً, حتى جاء الإسلام, فشرع قانوناً يوازن بين إنفاق الرجل في الأسرة وفي مجالات أخرى في الحياة وبين نصيب المرأة من الميراث. وختم المؤلف كتابه بحوار موسع تحدث فيه عن "مكانة المرأة في فقه المرأة", ودراسة بعض الفتاوى في سياق الظروف الاجتماعية والثقافية التي تبلورت في فضائلها.ويجيء نشر هذا الكتاب في سلسلة قضايا إسلامية معاصرة بغية تعميم الاجتهاد في قضايا المرأة, واستئناف النظر في تلك القضايا التي ظل الموقف يتكرر فيها باستمرار, من دون الانفتاح على آفاق جديدة, تتحرر فيها المرأة من الصورة النمطية التاريخية للتقاليد والأعراف والمورث الشعبي.