كتاب من كتب التراث الأصولي المغمورة يشق طريقه إلى النور بإذن الله تعالى أهمية الكتاب وقيمته العلمية إن كتاب «شرح الذريعة» يعتبر مثالاً حياً على ذلك النوع من المصنفات في الأصول والتي تجمع بين تقرير المسائل والتفريعات عليها، وأن قيمته العلمية تنجلي في عدة أمور: منها: أن هذا الكتاب كان حصيلة لأقوال العلماء السابقين في أصول انتخبها ...
قراءة الكل
كتاب من كتب التراث الأصولي المغمورة يشق طريقه إلى النور بإذن الله تعالى أهمية الكتاب وقيمته العلمية إن كتاب «شرح الذريعة» يعتبر مثالاً حياً على ذلك النوع من المصنفات في الأصول والتي تجمع بين تقرير المسائل والتفريعات عليها، وأن قيمته العلمية تنجلي في عدة أمور: منها: أن هذا الكتاب كان حصيلة لأقوال العلماء السابقين في أصول انتخبها أصولي مدقق وفقيه بارع كالأشخر فكان خياراً من خيار مع استبعاده الأقوال الشاذة والمنطرحة. ومن ذلك: عبقرية الأشخر: في تحرير محل النزاع والذي يمكن الأصولي أو الفقيه بل حتى طالب العلم من معرفة أصول المسائل وكيفية الترجيح فيها وإلا كيف يرجح من لم يحدد مواطن اختلاف الناس!!؟. ومن ذلك أيضاً أن هذا الكتاب شرح لمنظومة أصولية، وقد جرت العادة بسهولة حفظ المنظوم عن المنثور، فهو حفظ للعلم وتيسير لتناوله، ومن الأمور التي ينبغي تقييدها في هذا المقام أيضاً هو التنبيه على أن كتاب شرح الذريعة للأشخر ولد في مرحلة انحطاط الفقه فكان كالشعلة لمن وراءه أن يتحرروا من ربقة التقليد ويحذوا حذوه في الاستقلالية المنهجية التي اتبعها في كتابه والتي سيكشف النقاب عن شيء منها في هذه الدراسة إن شاء الله. وكتاب الأشخر يشتمل على أكثر مباحث علم أصول الفقه إن لم يكن كلها مما يزيد في قيمته العلمية عما لو بحث في بعضها وترك البعض الآخر كما حفل الكتاب بالعديد من المناقشات العلمية وعرض لمختلف المذاهب والإطالة أحياناً كما يتبين ذلك في الفصول المتقدمة في ترجمة(الأشخر أصولياً- الأشخر فقهياً) والملاحظات التي سنعقد لها فصولاً بعد قليل إن شاء الله، فكل هذه الأمور تفيد طالب العلم معرفة القول الصحيح وكيفية رد الأقوال الضعيفة، حتى إذا جاءه من ابتدع قولاً جديداً مخالفاً لصحيح المنقول أو صريح المعقول عرف كيف يرده ويناقش عليه ويدحضه وقلما تجد هذا في المصنفات التي وضعت في القرن العاشر الهجري. فهذه الميزة التي تعين المطلع فيه والدارس له على التمرس في أساليب الاستدلال ومعرفة طرق المناقشة والرد على المخالفين هذه الميزة هي التي قدمت شرح الأشخر للذريعة على غيره من الشروح بل على كثير من مصنفات الأصول في القرن العاشر وما يليه. أضف إلى ذلك ما حشد الأشخر به كتابه من الفروع الفقهية والقواعد العلمية الأمر الذي ارتفع بالكتاب بين مصاف الكتب الأمهات لأنه جمع بين الفضيلتين، فضيلة تحرير الأصول من جهة، وفضيلة تطبيقها من جهة أخرى، وبمعنى آخر فهو قد جمع بين النظرية والتطبيق وهذا هو غاية الأصولي أن يرسم الطريق الذي يستطيع الفقيه أن يسلكه مرشداً الأنام لأحكام الفروع والمسائل. وبعد... فهذا الكتاب «شرح الذريعة» بعد أن عنى به مؤلفه هذه العناية، خرج في أبهى صوره وأحسنها وحين انتهى من منظومته «ذريعة الوصول» تواردت أيدي العلماء عليها بالشرح والتعليق، وكل هذا إشادة بالقيمة العلمية لها من جانب ولمؤلفها من جانب آخر ومهما أشدنا به فقد قصرنا في حقه فهو أفضل مما ذكرنا وأجمل.