حدث القصة خيالي ويتلخص في مطاردة بحرية لسفن إسلامية سطا قائدها على جواهر وتاج لملكة ليون وزوجة ملك قشتالة، ولهذه الغنيمة قيمة رمزية عند الأسبان؛ فهي دليل اتحادهم ونصرهم وصلتهم بالماضي التليد، وترمي أهوال البحر بتلك السفن على شاطئ جزيرة الغراب على الغرب من إفريقية وفي بحار المحيط الأطلسي.وهناك تختلف رؤى المعسكرين بين العداوة والت...
قراءة الكل
حدث القصة خيالي ويتلخص في مطاردة بحرية لسفن إسلامية سطا قائدها على جواهر وتاج لملكة ليون وزوجة ملك قشتالة، ولهذه الغنيمة قيمة رمزية عند الأسبان؛ فهي دليل اتحادهم ونصرهم وصلتهم بالماضي التليد، وترمي أهوال البحر بتلك السفن على شاطئ جزيرة الغراب على الغرب من إفريقية وفي بحار المحيط الأطلسي.وهناك تختلف رؤى المعسكرين بين العداوة والتعايش السلمي، وتتحكم بتلك الرؤى نظرات العقيدة والأطماع والفكر الفلسفي وغيرها، حتى تنتهي الرواية بنصر للفكرة التي أظنها قناعة الكاتب التي حارب من أجلها شتى الأطماع والرجال من معسكر الإسلام والنصرانية.وأول ما يطالعنا في هذه الرواية إصرارها على الفكر والفلسفة الإنسانية للكاتب، والتي طغت على الأحداث المفترض وجودها في رواية تاريخية تتعرض لفترة حرجة من فترات التاريخ الإسلامي القديم؛ إذ كثيراً ما يحمل راوي القصة العليم/ الكاتب مشعل البيان والتقييم لشخصيات العمل القصصي، وهو توضيح متضارب، ويصل إلى التناقض بالنسبة إلى شخصيات المعسكر المعادي للنصارى، والذي لا يرى في العداوة إلاّ الجانب الدموي وشهوة الانتقام لحوزة الدين والأعراض والأرواح المنتهكة بعيد السقوط والهزيمة، فنقرأ هذين الوصفين لسوار بن عباس أحد رجال سنان القرصان القائد: "...وهو مجاهد مخلص للجهاد في سبيل الله.. نذر نفسه ومجموعة معه لحرب الفرق الأسبانية في شوارع غرناطة" ثم بعد ذلك: "وطبيعة سوار بن عباس تذكر الناس باسمه؛ فهو عابس غاضب على الدوام يتحمس للفكرة حين تطرأ عليه.. ويصبح أسيراً لها باذلاً كل جهده لإنجازها"( ص 6-7)، ثم صوّره على طبيعة أقرب إلى التهور والبعد عن الحكمة والعقل فقال: "... لكن سواراً مندفع يعشق الأمور الآنية والنتائج الفورية، ولا يحسن النظر في الأفق.. يعميه حب غير مدروس للعمل للجهاد ولا مساحة في ذهنه لغير الموت في سبيل الله... لا يستوعب العمل لصالح الدين ونصر الإسلام ما لم يكن بطولياً مضمخاً بروائح الموت"( ص 49).أما شخصية الكاتب الأثيرة (مأمون رضي الدين) فقد تغلغل فيها ليوضح فلسفتها في العداوة والجهاد وكرهها للدماء والأحقاد، واستمر يضيف إليها طوال فصول الرواية صفة الحكمة والنجاح وبعد النظر حتى وصلت في النهاية إلى بر الأمان، وتخلصت من غلطة من غلطاتها وهي الزواج من نصرانية.