"لا تعتقدي أنني عاتب عليك... أبداً... إنها غلطتي أنا من رفعك من مستنقع الوحل الذي كنت فيه... وحاولت أن أبعد عنك القذارة لتعيشي نظيفة، فاتني أن القذارة هي طينتك... (إنك لا تهدي من أحببت). أنت طالق بالثلاثة والحقي بأهلك سريعاً، فلم يعد لك مكان لا بالبيت ولا بقلبي. لم أجب... شعرت بعبثية التبرير أمام شخص يدرك كل ما يحدث حوله. يعرف أ...
قراءة الكل
"لا تعتقدي أنني عاتب عليك... أبداً... إنها غلطتي أنا من رفعك من مستنقع الوحل الذي كنت فيه... وحاولت أن أبعد عنك القذارة لتعيشي نظيفة، فاتني أن القذارة هي طينتك... (إنك لا تهدي من أحببت). أنت طالق بالثلاثة والحقي بأهلك سريعاً، فلم يعد لك مكان لا بالبيت ولا بقلبي. لم أجب... شعرت بعبثية التبرير أمام شخص يدرك كل ما يحدث حوله. يعرف أفكارك ويقرأ حتى صمتك. عدت إلى أهلي كما خرجت... مطلقة وأحمل في حقائبي إخفاقاتي المتكررة، فشلي، حماقاتي، أحمل الخيانة التي تلبستني. هل من ضمير أحمّله جريرة ما حدث؟ وماذا أحمله؟ هل أحمله موت خالتي حسرة؟ مختنقة بكلمات لم تستطع التفوه بها؟ أم أحمله خيبة أمل ياسر وخيانتي لأول رجل يعاملني كامرأة لها كيان وكرامة؟ أم أحمله ضياع أطفالي؟ غارقة في الضياع حتى أذني... من الذي حكم عليّ بالضياع؟ أمي؟؟؟ أم أبي؟ أم نفسي. دخلت إلى البيت... كانت الصالحة خاوية على عروشها كالعادة... تتأمل العابرين فقط وتعرض عليهم بهندامها الجميل المكوث فيها لبعض الوقت، صامتة إلا من بعض الأصوات المنبعثة من هنا وهناك. خادمة تغني في المطبخ... وصوت ألعاب البلاي ستيشن في غرفة قريبة. وصوت المجفف الكهربائي من غرفة أمي استعداداً لموعد ما..".تتسارع الأحداث في هذه الرواية مقمحة القارئ في مناخات تعافها نفسه.. خيانة.. انحلال خلقي.. واستهتار بالقيم الإنسانية.. والانغماس في وحل الخطيئة؛ ومبعثها ذلك كله تفسخ عائلي وزوجان لم يرعيا حقوق الأبناء في التربية، وليكتشف القارئ بأن فاقد الشيء لا يعطيه فهذان الأبوان كان الأجدر أن يكونا أهلاً لتأسيس عائلة. تحاول الرواية في سردياتها الكشف عن تلك الأمراض الاجتماعية التي تزخر بها معظم المجتمعات. لتدنو عند منعطفاتها ومن خلال المنولوجات الداخلية للشخصية المحورية وضع اليد على الداء ومحاولة معرفة الدواء في لحظة من لحظات الحساب مع النفس بعد مواجهات مع الفشل.