نبذة النيل والفرات:يُعتبر أوْغسطينُس أحد أبرز كتّاب الكنيسة غزارةً في التأليف وعمقاً في البحث بحيث لا يتفوّق عليه في هذا المجال سوى أوريجينُس الإسكندري.هذا وتأتي الإعترافات ومدينة الله وفي الثالوث في طليعتها، بيد أنّ هذا الكتاب اقتصر على الكتاب الأول، أي الإعترافات.يُعتبر كتاب الإعترافات أحد أهمّ الكتب التي وضعها أوْغسطينُس في ح...
قراءة الكل
نبذة النيل والفرات:يُعتبر أوْغسطينُس أحد أبرز كتّاب الكنيسة غزارةً في التأليف وعمقاً في البحث بحيث لا يتفوّق عليه في هذا المجال سوى أوريجينُس الإسكندري.هذا وتأتي الإعترافات ومدينة الله وفي الثالوث في طليعتها، بيد أنّ هذا الكتاب اقتصر على الكتاب الأول، أي الإعترافات.يُعتبر كتاب الإعترافات أحد أهمّ الكتب التي وضعها أوْغسطينُس في حياته، إنّه تحفة أدبيّة فريدة على الصعيدين اللاهوتيّ والفلسفي، تحفةٌ ترسم وإن بطريقة إنتقائيّة الخطوط العريضة في سيرة كاتبها، من ساعة مولده إلى حين معموديته.حيث يصف الكتابان الأوّل والثاني من الإعترافات حياة أوغسطينُس منذ مولده في تاغسطا (13 تشرين الثاني 354)، حتّى السنوات الأولى من مرحلة المراهقة بعد بلوغه السادسة عشرة من عمره (370)، مروراً بسنوات الدراسة في مادورا (365- 369)، وبعد أن يحدّثنا في كتابه الثالث عن حياته في قرطاجه (370)، حيث التقى بالمرأة (371) وأنجب منها طفلاً سمّاه أديوداتُس (372)، وعن تأثّره بقراءة هورتنسيوس كتاب شيشرون المفقود، وعن إعتناقه التعاليم المانويّة، نراه يحصر الكتاب الرابع في مسيرته معلماً للخطابة في تاغسطا (خريف العام 373)، ثم في قرطاجة (خريف العام 374).ويكشف لنا في الكتاب الخامس عن الخيبة التي عاشها من جراء إعتناقه التعاليم المانويّة (382)، بعد أن شعر بعجزها عن الإجابة عن تساؤلاته، ثم يأتي على ذكر سفره إلى رومة (383)، فضلاً عن تعيينه أستاذاً في ميلانو (خريف العام 384) حيث التقى أمبروسيُوس أسقف المدينة.ويدور الكلام في الكتاب السادس على أمّه مونيكا التي التحقت به في ميلانو العام 385، وعلى طموحه السياسي، أما الكتابان السابع والثامن فهما من أكثر الكتب التي تناولتها الدراسات الخاصّة بالإعترافات، لكونهما ينفردان بالكلام على تحوّل صاحبهما الفكري (الكتاب السابع) والأخلاقيّ (الكتاب الثامن): فالأوّل يخبرنا عن معرفة أسقف هيبّون الفلسفة الأفلاطونيّة الحديثة عبر قراءة مؤلفات أفلوطين وتلميذه فرفوريوس الصوري (ربيع 386)، وعن التحول الفكري الذي عاشه من جراء الإحتكاك بها، في حين يصف لنا الثاني (أي الكتاب الثامن) مسألة تحوله على الصعيد الأخلاقي أو الروحي، التي جرت في حديقة ميلانو (آب 386)، وكيف انصرف إلى إختبار حياة العزلة والتأمّل وصحبة بعض الأصدقاء في كسيسياكوم (خريف 386).ويستمر الكتاب التاسع في وصف حياة أوغسطينُس، منذ إهتدائه في مطلع العام 387، على يد أمبروسيوس أسقف ميلانو، ويشكل الكتاب العاشر من الإعترافات حلقة تصل القسم الأول منها (الكتب 1-9) بالقسم الثالث (الكتب 11-13)، إذ "يعترف" أوغسطينُس فيها بحالته التي كان يعيشها في أثناء الكتابة.أما الكتب الأخيرة من الإعترافات (11-13) فخصصها أسقف هيبوّن لتفسير الفصل الأول من سفر التكوين (1: 1-31) بطريقة مجازيّة، وفي هذه الكتب، نجد تفكّراته في شأن الزمن، والخليقة، والثالوث، ومعاني الكتب المقدّسة المختلفة، فضلاً عن المحبّة التي يعتبرها ثقل النفس.