تمثل هذه الأطروحة دراسة لحركة سياسية كان لها تأثير عميق على تطور السياسة العراقية الحديثة وهي جماعة الأهالي التي حظيت بتأييد عدد من المثقفين العراقيين البارزين، واجتذبت بعضهم إلى عضويتها، وذلك منذ بدايتها في أوائل الثلاثينات حتى الإطاحة بالنظام الملكي في العراق في عام 1958. ومع أن أعضاء الجماعة لم يتولوا مناصب الحكم إلا خلال فتر...
قراءة الكل
تمثل هذه الأطروحة دراسة لحركة سياسية كان لها تأثير عميق على تطور السياسة العراقية الحديثة وهي جماعة الأهالي التي حظيت بتأييد عدد من المثقفين العراقيين البارزين، واجتذبت بعضهم إلى عضويتها، وذلك منذ بدايتها في أوائل الثلاثينات حتى الإطاحة بالنظام الملكي في العراق في عام 1958. ومع أن أعضاء الجماعة لم يتولوا مناصب الحكم إلا خلال فترة وجيزة بين عام 1936 وعام 1937، غير أن الجماعة وجرائدها ساعدت في إيقاظ الوعي السياسي لأجيال متعددة من العراقيين، وكانت بؤرة للمعارضة بوجه النظام السياسي في العهد الملكي.لم تكن جماعة الأهالي حزباً سياسياً بالمعنى الدقيق، وإنما كانت تجمعاً فضفاضاً لأفراد من ذوي الآراء المتشابهة الذين كانوا يؤمنون بشكل معين من الديمقراطية الاجتماعية سموها "الشعبية". وقد نشرت آراء هؤلاء على صفحات نشراتهم المختلفة، وكانت تتسم بموقف عقائدي متماسك، وبمستوى أدبي وصحافي رفيع خلال أكثر من ثلاثة عقود.بدأت الحقبة الرئيسية لنفوذ "جماعة الأهالي"، وهي الحقبة التي تؤلف الاهتمام الرئيسي لهذه الدراسة، في السنة الأخيرة من الانتداب البريطاني، ومع أن دراسات سابقة للتاريخ العراقي كانت قد سجلت الأهمية الواضحة لـ"جماعة الأهالي"، إلا أنه ليس ثمة دراسة واحدة منفردة على الجماعة وتطورها وأهميتها العامة بالنسبة إلى زمانها... ولقد حاولت هذه الدراسة التي بين أيدينا والتي تعتبر الأول من نوعها في هذا الموضوع أن تبحث في الأصول التاريخية والعقائدية لـ"جماعة الأهالي" وفي فلسفتها السياسية، وأن تقيم دورها في سياسة المعارضة العراقية وإسهامها في الحركة الوطنية بأسرها.وقد تطلب ذلك من المؤلف إجراء استعراض عام للتطورات السياسية والاجتماعية-الاقتصادية في العراق في أواخر القرن التاسع عشر وفي القرن العشرين، مع حديث أكثر تفصيلاً للأحداث في الثلاثينات والأربعينات. وجرى ربط الجوانب المختلفة لمعتقد الجماعة وردود فعلها إزاء النواقص في المنظومة السياسية السائدة بظروف المرحلة الزمنية ذاتها. قسمت الأطروحة إلى ثلاثة أقسام، تناول القسم الأول منها الخلفية العامة للتاريخ العراقي حتى بداية الحقبة التي عالجها البحث وتشكيل "جماعة الأهالي" وأصولها العقائدية. ويتناول القسم الثاني بشكل أخص أحداث الثلاثينات والأربعينات. أما القسم الثالث فيتناول دور الجماعة بين عام 1932 و1946.