تمر قواعد السلوك ومناهج الحياة فى العصر الراهن باضطراب شديد ووجهات نظر متباينة، ومبادئ متضاربة فيها الغث وفيها الثمين، لا تستند إلى مرجعية أصلية، وإنما هى نابعة من اجتهادات من يطلق عليهم مصلحون على إختلاف بيئاتهم وتباين ثقافتهم وإتجاهاتهم، تخضع آراؤهم للإتجاهات الفكرية والنزعات الاجتماعية، وبالتالى لا تسلم من الأخطاء ولا تخلو من...
قراءة الكل
تمر قواعد السلوك ومناهج الحياة فى العصر الراهن باضطراب شديد ووجهات نظر متباينة، ومبادئ متضاربة فيها الغث وفيها الثمين، لا تستند إلى مرجعية أصلية، وإنما هى نابعة من اجتهادات من يطلق عليهم مصلحون على إختلاف بيئاتهم وتباين ثقافتهم وإتجاهاتهم، تخضع آراؤهم للإتجاهات الفكرية والنزعات الاجتماعية، وبالتالى لا تسلم من الأخطاء ولا تخلو من التناقضات، بل يشوبها النقص ويعتريها الخلل. لذلك فإن فالعالم اليوم بحاجة إلى منهج ينظم الحياة، منهج يتصف بالشمول والتكامل والثبات النسبى، منهج لايختلف عليه عاقل، منهج يؤكده العلم ويسير معه فى إتجاه متوازٍ، لاسيما فى عصر يتسم بتعقد الحياة وصعوبة العيش، نظراً للتقدم التكنولوجى والإنفجار المعرفى، عصر غابت فيه القيم السماوية وتحكمت فيه المادة، عصر اتسعت فيه دائرة العلاقات الإجتماعية عن ذى قبل. لذلك تبدو الحاجة إلى النهج الإسلامى الاجتماعى، الذى وضعه الله تبارك وتعالى فى صورة قرآن نزل من السماء لإصلاح الأرض بعد فساد أهلها، وفى صورة أقوال وأفعال وتقارير من رجل اصطفاه الخالق وأدبه وصنعه على عينه لهداية العالمين. يأتى هذا الكتاب نتيجة لقيام الكاتب ببحث للاطلاع على مدى التزام المسلمين بهذا المنهج الحياتى القويم، ووجد ما لم يكن يتوقعه حيث أن نسبة الملتزمين بالمنهج الإسلامى فى الحياة لا يتجاوز اثنان بالمئة، وعندما بحث فى الأسباب وجد أن أهم هذه الأسباب هى:• غياب أو نقص الوعى و الإلمام بسنته صلى الله عليه وسلم. • ومن له دراية بهذا الهدى العظيم، يأخذ منه ما يوافق هواه، ويترك ما يتعارض معه. • فضلاً عن كثرة الفتن والمغريات التى تقلل من شأن السنة، ويتعلل هؤلاء بأن السنة لا يدخل تاركها النار, فضلاً عن التكاسل والتهاون أحياناً. • بالإضافة إلى سيطرة بعض الأفكار الدخيلة على أذهان المسلمين، فيتبعون فى حياتهم ما يسمى بالإتيكيت. لذلك قرر الكاتب الشروع فى هذا البحث، كاشفاً وموضحاً لمن يجهله، مبيناً أهميته وفضله على الفرد والمجتمع لمن يتكاسل عنه، عاملاً بقوله صلى الله عليه وسلم "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا". وقد استقى الكاتب هذا المنهج من القرآن الكريم، ومن صحيح السنة، وقام بعزو الأحاديث النبوية الشريفة إلى مصادرها وغالباً ما يكتفي بالصحاح الستة، ولم يذكر فى بحثه هذا حديثاً ضعيفاً ولا معلولاً، وإنما اقتصر فيه على الصحيح، واكتفى فى عزو الأحاديث بذكر المصدر ورقم الحديث لأن ذلك ثابت لا يختلف باختلاف الطبعات، وأقرب إلى الإختصار الذى عني به فى هذا البحث، كما اعتمد فى تصحيح الأحاديث الغير واردة فى البخارى ومسلم أو فى أحدهما، على تصحيح أحد أعلام الحديث المتأخرين، وهو الإمام المحقق الشيخ الألبانى رحمه الله، لأن الرجل قد جمع ما وصل إليه السلف والخلف فى مجال الحكم على الأحاديث، وبالتالى فهو يأخذ بأرجح الآراء، وإذا كان الحديث فى البخارى أو مسلم إكتفى بتصحيحهما لإجماع الأمة على ذلك.