اسم الكتاب يقودنا إلى تصوُّر معناه ، إنه « مجمع الأحباب » .اسم يتدفَّق بالمشاعر السَّامية ، خصوصاً عند التَّذكُّر للرَّابطة المباركة بين صفوة الأُمَّة في كلِّ عصر ومصر .هذه الرَّابطة المباركة لها اتِّفاق في الصِّفات والخصائص وإن اختلف الزَّمان والمكان ؛ فهذه الصِّفات وهذه الخصائص تسلسلت من العصر الأوَّل ، المشار إليه بقوله صلى ا...
قراءة الكل
اسم الكتاب يقودنا إلى تصوُّر معناه ، إنه « مجمع الأحباب » .اسم يتدفَّق بالمشاعر السَّامية ، خصوصاً عند التَّذكُّر للرَّابطة المباركة بين صفوة الأُمَّة في كلِّ عصر ومصر .هذه الرَّابطة المباركة لها اتِّفاق في الصِّفات والخصائص وإن اختلف الزَّمان والمكان ؛ فهذه الصِّفات وهذه الخصائص تسلسلت من العصر الأوَّل ، المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم : « خير القرون قرني ، ثمَّ الَّذين يلونهم ، ثمَّ الَّذين يلونهم » .ثمَّ انساب ذلك من عصر إلى عصر ، ومن مكان إلى مكان .. حتَّى زماننا هذا .فالمؤلِّف ـ رحمه الله ـ جمع ما قُدِّر له أن يجمعه حتَّى زمانه في « مجمعه » .والمجمع الأكبر سيكون ـ إن شاء الله ـ في أعالي الجنان ؛ لجميع هؤلاء الصَّفوة والخلاصة ممَّن ظهر أو سيظهر ، ممَّن عناهم صلى الله عليه وسلم بقوله : « العلماء ورثة الأنبياء » .والفكرة الَّتي قام عليها الكتاب : هي الاختيار الموفَّق لرجال ونساء وشباب وفتيات من عصر السَّلف ، مع إظهار مناخهم السُّلوكي ومشربهم الرُّوحي ، مع اختلاف طبقاتهم ومشاربهم .والمقصود : هو استنساخ هذه الصُّور المباركة في عصرنا ؛ فلا يصلح آخر هذه الأُمَّة .. إلا بما صلح به أوَّلها .وهذا الكتاب الذي يطبع لأوَّل مرَّة هو اختصار لكتاب « حلية الأولياء » للحافظ أبي نُعيم رحمه الله ، قد استخلص زبده ، واصطفى لبابه ، واختار من مواعظه ما عظم وقعه ونفعه .علاوة على أن هنالك أماكن محصورة كانت بحاجة إلى تحرير ، ومسائل معدودة لا بدَّ من إعادة النَّظر فيها ، وإضافات جوهريَّة يتطلَّب المقام إيرادها .فقيَّض سبحانه العلامة الواسطي لنشر هذه المحاسن ، فجاء حاوياً لسير أولئك العظام أقطاب الزهد والولاية ، وهم أطباء القلوب بما آتاهم الله من نور الحكمة .ومن المهم هنا أن نذكر : أن بعض تراجمات هذا الكتاب موسَّعة ، بل وتصلح بعض التراجمات أن تكون في كتب مستقلَّة .فترجمة الإمام أحمد ابن حنبل استغرقت ( 42 ) صفحة ، وترجمة الإمام الثَّوري ( 56 ) صفحة ، وترجمة الإمام الشَّافعي ( 50 ) صفحة .وأخيراً ..فهذا « مجمع الأحباب » ، يتهادى في حلله القشيبة ، وطبعته المحقَّقة الأنيقة ، ولا سيَّما الجهد المبذول في تخريج الأحاديث النَّبويَّة ، بالدَّلالة عليها في مصادرها المتنوِّعة ، إضافة إلى شرح الغريب ، وردِّ النُّصوص إلى أصولها .