السيرة النبوية الشريفة لا تختلف أحداثها ؛ إذ هي في الأصل مادة مؤرخة مدونة ، اعتنى السابقون بها .غير أن الرؤى مختلفة ، وجوانب العرض متعددة ، وطرق الاستنباط متنوعة ، ولكل عصر لغة يتكلم بها .وكم كتب كتَّاب السيرة وصنَّفوا ، وقد حفلت مؤلفات كلٍّ منهم بالجديد النافع ، وهي مع ذلك لا يغني مؤلَّف عن مؤلَّف .وهذه «السيرة النبوية» التي كت...
قراءة الكل
السيرة النبوية الشريفة لا تختلف أحداثها ؛ إذ هي في الأصل مادة مؤرخة مدونة ، اعتنى السابقون بها .غير أن الرؤى مختلفة ، وجوانب العرض متعددة ، وطرق الاستنباط متنوعة ، ولكل عصر لغة يتكلم بها .وكم كتب كتَّاب السيرة وصنَّفوا ، وقد حفلت مؤلفات كلٍّ منهم بالجديد النافع ، وهي مع ذلك لا يغني مؤلَّف عن مؤلَّف .وهذه «السيرة النبوية» التي كتبها الدكتور محمد الهاشمي الحامدي للقرية العالمية الجديدة ، والتي كادت أن تذوب فيها حدود الزمان والمكان من المؤلفات النافعة العصرية في خدمة السيرة النبوية .إذ عرض لها بقلم عصريٍّ يؤكد معنى التواصل مع واقع المخاطبين ، ويربط الحدث بالحدث .والغاية من هذا العرض الذي قد يعرض اليوم عنه أكثر الكاتبين ، مكتفين برد الحدث دون نسج الروابط المناسبة ، وبسرد الأخبار تترى دون تعليق وتعقيب وتذنيب .. أن يكون ذلك سبباً في تفعيل معنى القدوة الحسنة في حياة الإنسان ، وكسر حاجز الغربة بين النص والحال .ورغم أن المؤلف صنف هذا الكتاب إشباعاً لرغبة أولاده ؛ ليحيطوا علماً بتراثهم الأصيل ، لاغترابهم في البلاد الأوربية .. إلا أنه تعدى ذلك إلى العالم الإسلامي ليعمَّ أرجاء المعمورة .فانتفع به الجم الغفير ، وانتشر في سائر الأقطار ، وأصبح الناس يستشهدون بنصوصه في أبحاثهم .وهذه شارة التوفيق لمؤلفه ، زاده الله رفعة وعلواً ، وحفظه بما حفظ به عباده الصالحين .ولهذه اللغة العالمية التي اختارها المؤلف لكتابة السيرة العطرة .. سعدت دار المنهاج بإخراج الطبعة الثالثة لهذا الكتاب الطيب ، تقدِّمه للقرَّاء الكرام في حلَّة بهية ومظهر جذاب .