كانت أولى تجربة العراقيين الحزبية مع بروز "جمعية الإتحاد والترقي" التي تم تكوينها في فترة الحكم العثماني، وقد تكونت هذه الجمعية في الروملي بسلانيك سنة 1908 للميلاد لتحارب الفساد الذي استشرى في الإمبراطورية العثمانية آنذاك، وقد أسهم في تكوينها الأتراك والعرب وسائر أبناء الأقوام الأخرى على حدٍّ سواء، ثم انتقل مركز الجمعية إلى اسطن...
قراءة الكل
كانت أولى تجربة العراقيين الحزبية مع بروز "جمعية الإتحاد والترقي" التي تم تكوينها في فترة الحكم العثماني، وقد تكونت هذه الجمعية في الروملي بسلانيك سنة 1908 للميلاد لتحارب الفساد الذي استشرى في الإمبراطورية العثمانية آنذاك، وقد أسهم في تكوينها الأتراك والعرب وسائر أبناء الأقوام الأخرى على حدٍّ سواء، ثم انتقل مركز الجمعية إلى اسطنبول، وفتحت لها فروعاً في معظم المدن العثمانية المعروفة آنذاك... في بغداد والحلة والنجف والبصرة والموصل.فلما زاغت هذه الجمعية من أهدافها المعلنة في "الحرية والعدالة والمساواة" تألف "حزب الحرية والإئتلاف" في 8 تشرين الثاني من عام 1911 ليخفف من غلواء "جمعية الإتحاد والترقي" وليدعو إلى الحكم اللامركزي في الولايات العثمانية، والقيام بالإصلاحات الضرورية في البلدان العربية، وقد تكونت لهذا الحزب أيضاً فروع في الموصل وبغداد والبصرة.وكان الطلاب العراقيون الذين يتلقون دروسهم العالية في كليات اسطنبول الحربية والمدنية، وقد أسسوا "جمعية العَلَم الأخضر" في دار الخلافة في أيلول من عام 1912، فاختصر نشاطها على الأمور الأدبية وتقوية الروابط الأخوية بين الطلاب.فلما شعرت الجالية السورية المقيمة في القاهرة بالمطامع الفرنسية والإنكليزية في سورية والعراق، عمدت إلى تأليف "حزب اللامركزية العثمانية" في كانون الثاني من عام 1913م، وهي الجمعية التي أخذ تدعو إلى أن تتولى كل ولاية إدارة أمورها الداخلية ضمن المجموعة العثمانية، وتأسس لها فرعان في العراق، أحدهما في بغداد، وقد أطلق عليه اسم "النادي الوطني العلمي"، والآخر في البصرة، قد سمي "جمعية البصرة الإصلاحية" على غرار "جمعية بيروت الإصلاحية"، على أساس أن سورية والعراق كانا في عداد المماليك العثمانية في هاتيك الأيام المظلمة.وكان السيد طالب النقيب رئيساً لحزب الحرية والإئتلاف، فرع البصرة، فوافق على أن يرأس هذه الجمعية "جمعية البصرة الإصلاحية"، بعد إستقالته من الحزب المذكور وصار يمرّ هذين الفرعين بالرعاية والمال، وفي 28 تشرين الأول 1913م تأسست "جمعية العهد" السياسية السرية المشهورة في اسطنبول، أسسها عزيز علي المصري لتجمع شمل العرب، وتوحّد صفوفهم، وقد اقتصرت العضوية فيها على العسكريين دون المدنيين.إلا أن هذه الجمعية وغيرها توقفت أعمالها وتشتت شمل أعضائها إثر قيام الحرب العالمية الأولى سنة 1914م، وهكذا يتابع المؤرخ التأريخ للأحزاب السياسية في العراق في كتابه هذا الذي جاء بمثابة دراسة تاريخية عن الأحزاب السياسية العلنية التي تكونت في العراق في النصف الأول من القرن العشرين بين عام 1918 وعام 1958م، وشملت: الأحزاب في العهد العثماني، وفي عهد الإحتلال ثم في عهد الإنتداب وعهد الإستقلال.وتجدر الإشارة إلى أن هذا الكتاب عن تاريخ الأحزاب العراقية يأتي ضمن سلسلة دراسات المؤرخ عبد الرزاق الحسني عن العراق الحديث وقد شملت كل من: "تاريخ البلدان العراقية" و"تاريخ الصحافة العراقية"، و"تاريخ الثورة العراقية"، و"تاريخ الأديان العراقية"، و"تاريخ الوزارات العراقية" بأجزائه العشرة، و"تاريخ العراق السياسي الحديث" بأجزائه الثلاثة.