تعتبر الحرّيّة الدينيّة من الحرّيّات العامّة التي تشكّل تحدّياً لكلّ مَنْ يسعى إلى دراستها، وربّما هذا هو شأن الحرّيّات العامّة كافّةً لتداخل السياسيّ بالقانونيّ فيها، وما يزيد من تشابك مسألة الحرّيّة الدينيّة تحديداً هو تمحورها على عنصر أساسيّ في حياة الأفراد، ألا وهو الدين، فهي تتعلّق بأهمّ مظهر من مظاهر الحياة الإنسانيّة وهو ...
قراءة الكل
تعتبر الحرّيّة الدينيّة من الحرّيّات العامّة التي تشكّل تحدّياً لكلّ مَنْ يسعى إلى دراستها، وربّما هذا هو شأن الحرّيّات العامّة كافّةً لتداخل السياسيّ بالقانونيّ فيها، وما يزيد من تشابك مسألة الحرّيّة الدينيّة تحديداً هو تمحورها على عنصر أساسيّ في حياة الأفراد، ألا وهو الدين، فهي تتعلّق بأهمّ مظهر من مظاهر الحياة الإنسانيّة وهو إرتباط الإنسان بعقيدة دينيّة، تلك التي تحدّد له لدرجة لا يستهان بها رؤيته إلى الكون والحياة، وعلاقته بنفسه وبالآخرين، سواء تواجد في دولته أو في دولة أخرى، وهو مظهر إنسانيّ لأنّه لا ينحصر في بيئة أو مجتمع مُعّنَيْن.وتهدف هذه الدراسة أوّلاً إلى تسليط الضوء على واقع الحرّيّة الدينيّة في الدول موضوع المقارنة، والوقف على أهمّ طرق تنظيم مظهرها الخارجيّ المتمثّل في ممارسة الشعائر الدينيّة بصورة علنيّة، وما يستتبع ذلك من بناء أماكن للعبادة، كما تهدف الدراسة إلى محاولة إستكمال ما بدأته الدراسات القانونيّة من تحليل ودراسة الحرّيّات العامّة وتبيان طرق تنظيمها وحمايتها وحدودها، من خلال شرع النصّ الدستوريّ المتعلّق بالحرّيّة الدينيّة بعنصرَيْها الداخليّ والخارجيّ وتحديد المقصود بهما.وقد تم تقسيم الدراسة إلى بابَيْن، وقد جاء الباب الأوّل تحت عنوان "الحرّيّة الدينيّة: في النشأة والتطوّر، نظرة تاريخيّة - قانونية مقارنة"؛ قُسّم الباب الأوّل إلى قسمَيْن: الأوّل بعنوان "موقع الحرّيّة الدينيّة في التشريعات القديمة"، وتضمّنَ ثلاثة فصول: الفصل الأوّل: الحرّيّة الدينيّة في المجتمعات القديمة، الفصل الثاني: مسار الحرّيّة الدينيّة في العالم العربيّ، الفصل الثالث: حرّيّة المعتقد والدولة الإسلاميّة؛ أمّا القسم الثاني فحمل عنوان "الحرّيّة الدينيّة وجذورها النظريّة والقانونيّة"، وتألّف من فصلَيْن: الفصل الأول: الحرّيّة الدينيّة: جذورها الفكريّة والدينيّة، الفصل الثاني: الإعتراف القانونيّ بالحرّيّة الدينيّة، من القرن التاسع عشر إلى القرن العشرين.وجاء الباب الثاني تحت عنوان "الحرّيّة الدينيّة والدولة المعاصرة"، وتمّ تقسيم الباب الثاني إلى قسمَيْن: الأوّل بعنوان "الحرّيّة الدينيّة في الدساتير المعاصرة"، واشتمل على فصلَيْن: الفصل الأوّل: أنماط العلاقة بين الدولة والدين وأثرها على الحرّيّة الدينيّة، الفصل الثاني: حدود الحرّيّة الدينيّة الدستوريّة؛ وحمل القسم الثاني عنوان "تنظيم الحرّيّة الدينيّة القانونيّ: نماذج مختارة"، وتألّف من فصلَيْن: الفصل الأوّل: الحرّيّة الدينيّة في التشريعات العربيّة: مصر، الجزائر، لبنان، الفصل الثاني: الحرّيّة الدينيّة في التشريعات الأوروبيّة: روسيا الفدراليّة، إنجلترا، ألمانيا.وقد اشتملت خاتمة الدراسة العامّة على ما أمكن التوصّل إليه من نتائج وملاحظات، متبوعة قائمةَ المصادر والمراجع، والوثائق التاريخية في ملحق (1) والوثائق القانونيّة في ملحق (2)، وأخيراً الفهارس.