لقد رأت الكاتبة أن استخدام أكبر عدد ممكن من الصور في المجتمع العماني، وتركيبها بطريقة ما، تعطي صورة أكثر تعبيراً عن الواقع الموضوعي الذي تتناوله، وربما هذا هو ما جعلها تبتعد عن البطولة بالمعنى التقليدي السائد.. فعلى رغم التركيز على الغياب في بعض شخصياتها التي تعيش في الرواية، إلا أننا لا نستطيع استكمال المشهد الروائي دون الأم وا...
قراءة الكل
لقد رأت الكاتبة أن استخدام أكبر عدد ممكن من الصور في المجتمع العماني، وتركيبها بطريقة ما، تعطي صورة أكثر تعبيراً عن الواقع الموضوعي الذي تتناوله، وربما هذا هو ما جعلها تبتعد عن البطولة بالمعنى التقليدي السائد.. فعلى رغم التركيز على الغياب في بعض شخصياتها التي تعيش في الرواية، إلا أننا لا نستطيع استكمال المشهد الروائي دون الأم والأخ، فالبطولة هنا ليست لشخص، بل لمجتمع كامل.. لوقائع غريبة ساخرة، ملبدة بالأسى والحزن. ولأن واقع المعاناة يؤدي إلى إرباك حقيقي في المجتمع العماني، فإن الكاتبة لا تنسى هذه الحال في التقنية الروائية التي تبدو منسجمة تماماً مع هذا الواقع. فثمة انتقال سريع بين المشاهد الروائية، وثمة قطع سينمائي وحراك مسرحي. أي أن هنالك مواءمة فنية كثيراً ما يتم تجاهلها في أعمال روائية أخرى.نستطيع القول أن عزيزة الطائي تدعونا للقول... علينا عدم نسيان أن المستقبل هو الأهم، لا بد أن يجد المرء بعض الأمور كي ينتسب إليها، وتسرد الطائي تلك الصورة الإنسانية: " كيف لم ألتقِ به؟ وكيف لا أدركه؟ ومواقفه أدركتها، وسمعتها من والدك، وعمك -يرحمهما الله - وهذا الخبر سيسر خالك (سعيد)، أما عمك (عامر)، فقد التقى به مراراً.. قبل أن يرحل لـ"أول"، فهما يعرفان عنه الكثير، بحكم التعامل الوثيق معه".قد يبدو مفارقاً لطريقة التحليل التقليدي أن نقول إن تلك المادة الأولية لعجينة قائمة في اللاشعور، لا شعور الكاتبة، إنها المادة التي تصاغ منها صورة الماضي الرمزية التي يتسامى بها طموح الشخصيات الروائية التي تدافع عن تاريخها.إنك في هذا المنجز الإبداعي المتخم بثقافة الفقد إزاء ذاكرة مشروخة أثقلتها شظايا الفقد، وهي تبصر عياناً مناخات العبث القاتل التي تعصف بحياة الإنسان ومصيره فكانت أرض الغياب رواية الإنسان المفقود في أرض الفردوس.