الحديث عن الجن في هذا الكتاب ليس من نسج الخيال، وإنما هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحقائق التاريخية والعلمية، خاصة وأن المؤلف اعتمد في هذا الموضوع على القرآن الكريم وعلى ما ذكره أهل التفسير بخصوص حقيقة الجن. فليس هناك حديث يشوق الناس ويتصبَّى قلوبهم ويستحوذ على مشاعرهم كالحديث عن هذا العالم المسحور المغلق غير المنظور: عالم الجن. إ...
قراءة الكل
الحديث عن الجن في هذا الكتاب ليس من نسج الخيال، وإنما هو مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالحقائق التاريخية والعلمية، خاصة وأن المؤلف اعتمد في هذا الموضوع على القرآن الكريم وعلى ما ذكره أهل التفسير بخصوص حقيقة الجن. فليس هناك حديث يشوق الناس ويتصبَّى قلوبهم ويستحوذ على مشاعرهم كالحديث عن هذا العالم المسحور المغلق غير المنظور: عالم الجن. إنه يملك نفوس الكبار والصغار والنساء والرجال وإن كان بعضه مهولاً مذهلاً مخيفاً. وعالم الجن جاء ذكره في الكتب السماوية وأحاديث الأنبياء والمرسلين وأتباعهم، وتكلمت عنه الديانات البشرية على اختلاف نزعاتها ومعتنقيها، فهو تراث معرق في القدم عميق الجذور متصل الحلقات من عهد هبوط آدم وزوجته وإبليس إلى الأرض بعضهم لبعض عدو.الجن نوع من الخلق مستورون عن حواسنا يصدق القرآن الكريم وجودهم ويذكر أنهم بنوعهم مخلوقون قبل نوع الإنسان، وأنهم مخلوقون من النار، وأنهم يعيشون ويموتون ويبعثون كالإنسان، وأن منهم ذكوراً وإناثاً يتكاثرون بالتوالد والتناسل، وأن لهم شعوراً وإرادة، وأنهم مكلفون كالإنسان، منهم مؤمنون ومنهم كفار، ومنه صالحون وآخرون طالحون...وبما أن عالم الجن عالم قائم بذاته، فهناك أسئلة كثيرة يمكن أن ترح في موضوع الجن وعلاقتهم بالإنسان، جمع المؤلف المهم منها في هذا الكتاب مقسماً مادته إلى قسمين: القسم الأول: ويتضمن ستة أبواب فيها أخبار الجن بشكل عام؛ حقيقة وجودهم وابتداء خلقهم وأنواعهم، وقدرتهم على التشكل، ومساكنهم وطعامهم، وتناكحهم وقدرتهم على الحركة والانتقال، وهل هم مكلفون وهل يحاسبون؟ وهل فيهم شعراء ووعاظ؟ والأحاديث النبوية الشريفة التي جاءت فيهم، وآراء فلاسفة المسلمين حقيقتهم إلى غير ذلك من المواضيع التي تتعلق بهم. والقسم الثاني وهو القسم الأهم، ويتضمن باباً واحداً وفيه الآيات القرآنية التي وردت لفظة "الجن" فيها وشرحها وافياً اعتماداً على كتب أهل التفسير وخصوصاً كتابي الطباطبائي، وابن كثير وغيرهما من المسانيد الهامة في هذا المضمار.