دلفت إلى بيت جدتي قبيل الغداء فوجدت أبي يجلس قريباً من رأس المجلس ويتحدث بحماس، فطفت أسلم على أقاربي الذين لم أر أغلبهم منذ مدة. بعد أن عاد الجميع للجلوس عاد والدي لحديثه الذي يبدو أنه حاز على إهتمام الأغلبية. أخذ يلوح بيديه بطريقة مسرحية وصوته يعلو ويهبط بشكل متوافق مع أحداث القصة التي يرويها. لم أتابع سرده. غرقت في خيالات إنقط...
قراءة الكل
دلفت إلى بيت جدتي قبيل الغداء فوجدت أبي يجلس قريباً من رأس المجلس ويتحدث بحماس، فطفت أسلم على أقاربي الذين لم أر أغلبهم منذ مدة. بعد أن عاد الجميع للجلوس عاد والدي لحديثه الذي يبدو أنه حاز على إهتمام الأغلبية. أخذ يلوح بيديه بطريقة مسرحية وصوته يعلو ويهبط بشكل متوافق مع أحداث القصة التي يرويها. لم أتابع سرده. غرقت في خيالات إنقطعت حين ضج الجميع بالضحك. حتى قال عمي الأكبر وهو يضحك ويربت على كتف والدي ويمسح عينيه: " يمين بالله منتب صاحي يا أبو يوسف! " . كان رجل يدخل كل ست دقائق تقريباً. ثم زادت الفترة قليلاً ما بين كل زائر جديد ومن يليه حتى إكتمل الحضور. عندها وقف سالم الص-ي وأخرج ملفاً من جانب كرسيه أخرج منه عدداً من الأوراق البيضاء التي وزعها على الجميع. إلتقطت نسخة فرأيت شجرة. نقش على الجذع كلمة " باركها يارب " ثم كلمة الص-ي وأوراق إسطوانية حملت أسماء ورموزاً وحروفاً. إسمي ممتد من ورقة إسطوانية تحمل إسم والدي. لم يكن إسم أمي موجوداً. حملت مادة فتحي. ماهذا الخط الذي يوصل إسمي بإسم أبي، أين هذا الخط، ورقة إسطوانية تحوي أربعة حروف تمثل إسمي موصلة بإسم هذا الرجل. لا يوجد خط بينه وبين أي إسم آخر فقط إسم أبي. فوق الإسم " ورد في الأثر: تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ". العرق وساس. أعلى الورقة بخط كوفي كزخرف: { وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا } كلمة قبائل بالأحمر. سرت همهمة في المجلس. كل رجل يتحدث إلى جاره. سمعت رجالاً يحذرون أولادهم من أن يخطئوا في معرفة الأصل. ورجالاً يستعرضون معلوماتهم في تمييز الحمايل، وسمعت طفلاً أل والده عن معنى كلمة " خضيري " فقل له أن الخضيري هو الذي ضيع أصله. إعتلى الخوف وجه الطفل. وهمس بذعر " طيب ليش يضيع أصله ". في مجتمع تسوده التناقضات نتيجة توافد الثقافات الغربية الغريبة عنه بشكل سريع ومكثف، يقع شبابه في حيرة متخبطين بين التمسك بما لديهم من عادات وبين الإغتراب عن مجتمعهم من خلال تبني أفكار وعادات الآخرين.