في الوقت الذي لم يحظ الشعب العراقي بأية مساندة عربية أو دولية، بّان الحرب الأمريكية السافرة على العراق، سوى الدعم المعنوي الذي عبرت عنه المظاهرات التي عمت أنحاء العالم رفضاً للحرب على العراق، هذا المناخ المعبأ بالقصف والقتل والدمار ورائحة الدخان ربما انتهى، ولكن لا أحد يعرف ما الخطوة الأميركية التالية، إلا أنه من المؤكد أن الإدا...
قراءة الكل
في الوقت الذي لم يحظ الشعب العراقي بأية مساندة عربية أو دولية، بّان الحرب الأمريكية السافرة على العراق، سوى الدعم المعنوي الذي عبرت عنه المظاهرات التي عمت أنحاء العالم رفضاً للحرب على العراق، هذا المناخ المعبأ بالقصف والقتل والدمار ورائحة الدخان ربما انتهى، ولكن لا أحد يعرف ما الخطوة الأميركية التالية، إلا أنه من المؤكد أن الإدارة الأمريكية ماضية في التمهيد لترتيبات أمنية وسياسية واقتصادية، سبق تجهيزها في إطار استراتيجية أمريكية تهدف للهيمنة على العالم، ومن سوء الحظ، انطلاقاً من الخليج، سواء قبل استكمال سيناريو غزو العراق أو ترتيبات ما بعده، لتفرض على الأمة شروط جديدة، يستحيل معها التفكير في شروط أداء أمني خليجي أو عربي، بعد أن تضاءلت فرص تفعيل الإرادة الداخلية في مواجهة عنفوان وطغيان إرادة الخارج.وتلك الحقيقة هي بمثابة نتيجة سبقتها مقدمات، تبدأ من عقد السبعينات حيث الطفرة النفطية والوفرة المالية، ثم عقد الثمانينات ومحاولة بناء منظومة للتعاون الخليجي عبر آليات ومواثيق ومؤسسات دول مجلس التعاون، وفي التسعينات حيث مرت المنطقة بمنعطف حاد وخطير انتهى بأوضاع كارثية في أعقاب غزو العراق للكويت، وما تبعه من آثار وتداعيات، سوف يدفع ضريبتها أمن الخليج، بل والأمن القومي العربي. وذلك بعد أن دخل الخليج عمق الاستراتيجية العولمية العسكرية للولايات المتحدة الأميركية، وصار بوابتها للهيمنة.هذا ما دفع الباحثة، لتراجع، بالبحث والدراسة، مشروع الأداء الأمني لدول المجلس منذ تأسيسه كحلم يعكس اهتماماً مشتركاً بأمن ومستقبل الخليج، حتى أصبح الآن قشة في مهب الريح الأمريكي، يعصف بها وقت ما شاء. وهو ما جعل هذه الدراسة تهتم برصد وتحليل الأسباب الموضوعية والذاتية، الداخلية والخارجية التي أدت إلى فشل مشروع الأداء الأمني لدول المجلس.وتبرز أهمية هذه الدراسة بالنظر إلى أن موضوع البحث يتعرض إلى حادثين مهمّين، هما غزو العراق للكويت عام 1990، وضرب أفغانستان عام 2001، وما قبلهما وبعدهما وبينهما من أحداث مهمة، ممثلة سواء في قيام الثورة الإيرانية، أو اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، أو تفكك الاتحاد السوفييتي، أو سقوط حائط برلين وتوحيد شطري ألمانيا، أو أحداث الحادي عشر من سبتمبر، على اعتبار أهمية هذه الأحداث ودلالاتها وتداعياتها خاصة على مجلس التعاون الخليجي وأمن دولة الست خصوصاً وأن بعض تلك الأحداث الإقليمية أو الدولية، هي التي كان لها الأثر في إنشاء مجلس التعاون الخليجي ذاته. وبالنسبة لموضوع هذه الدراسة، فإن أهميته تكمن في كونه يستشرف آفاق المستقبل بالنسبة لهذا الجزء الحساس من العالم، وهو منطقة الخليج.