عبر متتالية سردية محبوكة بإتقان يمزج "نديم نجدي" في روايته "تقلبات رجل موسمي" بين الرواية والحياة، ويعادل بين الحكي والحياة، فيجري الحكي على رسله على لسان شخصيات مأزومة، تعاني أمراضاً نفسية مزمنة يعود معظمها إلى مراحل الطفولة، وكأنه بهذا الإختيار أراد أن يومىء للقارىء أن الرجال والنساء أطفال كبار، تتحكم بهم طفولتهم ولا يستطيعون ...
قراءة الكل
عبر متتالية سردية محبوكة بإتقان يمزج "نديم نجدي" في روايته "تقلبات رجل موسمي" بين الرواية والحياة، ويعادل بين الحكي والحياة، فيجري الحكي على رسله على لسان شخصيات مأزومة، تعاني أمراضاً نفسية مزمنة يعود معظمها إلى مراحل الطفولة، وكأنه بهذا الإختيار أراد أن يومىء للقارىء أن الرجال والنساء أطفال كبار، تتحكم بهم طفولتهم ولا يستطيعون الإفلات منها بيسر.وعليه، نقع في هذا الفضاء الروائي على نماذج متعددة من الشخصيات الروائية بين من يشارك في صنع الحدث ومن هو صنيعة الحدث، على أن بعض الشخصيات هو ضحايا البعض الآخر، والجميع ضحايا الظروف الأقوى التي لم يساهموا في صنعها، مثل شخصية سالم (البطل الرئيس) ورانية الزوجة المأزومة نتيجة طفولة غير سوية، مفقود فيها الأمان"احتضنها بحنو كي يستعيد دفء أمان فقدته وهي صغيرة" وذلك نتيجة خلاف أبويها، ما أثر سلبا على شخصيتها، أيضا هناك شخصية (نسيم الفلسطيني) الذي تظهر أزمته كلما عاد بذاكرته إلى مكان (المخيم) وما عاناه من إذلال، وهنا تبرز شخصية الراوي في عملية التحليل، وكشف الأسباب لكثير من العقد والأزمات النفسية التي يمكن أن يتعرض لها الإنسان في حياته، فتأخذ الرواية منحىً في التحليل النفسي والبعد الفلسفي، فيبدو الراوي بمثابة الطبيب الذي يقدم الدواء لقارئه ...... أمّا السواد الأعظم من الناس، فيتفرّغ للصلاة والابتهال للَّه والأنبياء، كي يفوز في الآخرة بما لم يحصل عليه في الدنيا. فأنا يا نسيم أريد أنْ أجرّب. ضقت ذرعاً بالوحدة، ولم أعد أطيق صقيع إحساسي بالاغتراب عنهم. أُريد أن أفعل ما يفعلون، كي أنتمي إلى ما يضحكهم ويحزنهم. تعبت من الاستغراق في التفكير في صواب ممارساتهم وخطأ التزاماتهم. وليس مِنْ حلّ إلا بالانشغال عَنْ حالي والانتماء إلى أحوالهم، ولا بأس مِنْ أنْ أواجه قلقي وسوداويتي باللهو عما تتعيش عليه الجماعة. مَنْ يعلم، لعلي أجد في ذلك راحتي كراحة الوجوه الفرحة عندما يتحدث أبٌ كيف أنّه سمع طفلته تقول «بابا»، كما لو أنّ مصير العالم كلّه متوقف على ما تفوّهت به صغيرته.