لقد تعرضت البشرية في القرن الماضي لتطورات هائلة، وبخاصة في النصف الثاني منه، حيث حصل إنفجار في المعركة بكل أشكالها، ورافق ذلك تطور كبير في المجال العلمي والتكنولوجي الذي أضاف كثيراً من الوسائل والأجهزة والأدوات التي أحدثت نقلة نوعية في الآلات الصناعية وانعكس ذلك على مجالات الإقتصاد الأخرى، وعلى مجال الإتصالات، وقد أثر ذلك كله عل...
قراءة الكل
لقد تعرضت البشرية في القرن الماضي لتطورات هائلة، وبخاصة في النصف الثاني منه، حيث حصل إنفجار في المعركة بكل أشكالها، ورافق ذلك تطور كبير في المجال العلمي والتكنولوجي الذي أضاف كثيراً من الوسائل والأجهزة والأدوات التي أحدثت نقلة نوعية في الآلات الصناعية وانعكس ذلك على مجالات الإقتصاد الأخرى، وعلى مجال الإتصالات، وقد أثر ذلك كله على حياة الناس، فحصلت تغيرات إجتماعية وثقافية وإقتصادية وتربوية، ألقت بظلالها على المخططين الذين يعملون لسد حاجات مجتمعاتهم، ومواجهة مشكلاتها، وتمكينها من العيش الكريم.وقد استفادت المجتمعات الغربية من هذا التقدم، فطورت صناعاتها بشكل هائل في المجالين المدني والعسكري، وغطت حاجاتها، وانطلقت خارج حدودها تفتش عن أسواق لهذه المنتوجات، فإزداد الصراع بين دولها لكسب مناطق النفوذ والإحتفاظ بها، وللأسف فإن بلادنا العربية وقعت منذ مطلع القرن الماضي وما قبله تحت النفوذ الغربي، واتسمت علاقتها به في هذه المرحلة بالعلاقة التقليدية بين المعلم المتفوق النموذج، والمتعلم المبتدئ المقلد لصورة معلمه، وهكذا أصبح المتعلم في بلادنا متمغرباً، وتميزت التربية الإستعمارية بعنفها الواضح، وسعت إلى هدم النظام التربوي الإسلامي، وإلى إعداد الصفوة من الخدم التابعين للغرب في ثقافتهم ومسلكهم.إن النظام التربوي العربي في هذه الأيام معوق للعطاء، فليست هناك الشروط المجتمعية، والشروط السياسية المواتية لإنماء معرفي يقود إلى مشروع نهضوي، وإلى بناء نسيج متماسك، يبدع فيه المتميزون لإمتلاك التكنولوجيا المتطورة، ولا يزال المعلم يحتل حجر الزاوية في النظام التربوي بصورة عامة، وفي المدرسة بصورة خاصة، ولذلك فقد اهتمت الأمم الواعية بالعاملين في هذا المجال الحيوي، حيث وضعت لهم الحوافز المختلفة، والميزات الوظيفية الخاصة لإستقطاب العناصر المميزة التي تتصف بالتفوق في القدرات العقلية، والحماس للعمل، والجلد عليه، والإستعداد للبذل والعطاء دون حدود، من أجل إعداد أبناء الأمة لمواجهة التحديات القائمة والمستقبلية، ولكن الواقع في البلاد العربية يخالف ذلك.لذلك فقد أصبح من الضروري أن ينظر المعلم إلى عمله من منظور منظومي محدد المعالم، واضح الخطوات من حيث المضمون التعليمي والغايات والأهداف والأساليب والوسائل وأدوات التقويم وما يكون في أثنائها من خطوات وأعمال بحيث تنتهي بخطة واضحة المعالم والخطوات، قابلة للتنفيذ، يستطيع المعلم أن يسير بحسبها في خطوات منظمة متسلسلة مصممة بدقة وعناية وكأنها تصميم هندسي متقن، ومن أجل تحقيق هذا الغرض جاء هذا الكتاب "تصميم التدريس" ليلبي هذه الحاجة.وقد قسم إلى عشرة فصول: تناول الفصل الأول عملية تصميم التدريس ونماذجه المتعددة، والنموذج الذي تبناه المؤلف، ثم جاءت الفصول التالية تفصيلاً لهذه النموذج، حيث تم تناول تحليل محتوى المادة الدراسية، وتحديد الغايات التربوية والأهداف العامة والأهداف الأدائية، وخصائص المتعلمين ومتطلبات نموهم وحاجاتهم، وإستراتيجيات التدريس وطرقه التي ترعى التفكير عند الطلبة وتنميه، والخدمات التربوية المساندة لعملية التدريس من وسائل تعليمية وتجهيزات تربوية وكتب مدرسية ومراجع المادة الدراسية، وإدارة البيئة الصفية، والأنشطة المدرسية، وعملية تقويم التدريس، وأخيراً التخطيط للتدريس الذي يضع كل ما سبق ضمن خطة تنفيذية يقوم بها المدرس بالمشاركة الفعالة مع طلابه.وقد نظم الكتاب بشكل يساعد على التعلم والتقويم الذاتيين، حيث حددت لكل فصل من فصول الكتاب أهدافه الخاصة، وأثبت في نهايته التقويم الذاتي ومفتاح الإجابات الصحيحة، بحيث يتمكن القارئ للكتاب من تقويم نفسه وتصحيح إجاباته وإستدراك أخطائه بصوره ذاتية، وأثبت في نهاية كل فصل خلاصة لمحتواه تلخص أفكاره الأساسية، وثبت بالمراجع المساعدة لمن أراد أن يتوسع ويتعمق في المحتوى.إلى جانب ذلك فقد احتوى الكتاب على الجانب التطبيقي، حيث طرحت فيه تطبيقات عملية على الأفكار والمبادئ النظرية، واحتوى فصلاً خاصاً بالحقائب التدريبية لمساعدة القادة التربويين على تنظيم البرامج التدريبية للعاملين في مناطقهم التعليمية وفي المدارس التي يشرفون عليها أو يقودونها.