جماليات المكان في روايات جبرا إبراهيم جبرا

يعدّ "جبرا إبراهيم جبرا" من الروائيين العرب الذين نالوا حظاً من الشهرة الواسعة، ليس على نطاق الوطن العربي فحسب، بل على نطاق أوسع. امتد ليشمل العالم العربي أيضاً، وتمثل هذا في ترجمة مجموعة من أعماله إلى لغات أجنبية. ولم تأتي شهرته هذه في أعماله الروائية فحسب، بل في أعماله الأخرى لا سيما الشعر والنقد والترجمة.والقارئ لأعمال جبرا يجد أن المكان قد شغل حيزاً كبيراً من أعماله، وظهر ذلك في عنونات رواياته، وفي ثناياها، "فصيادون في شارع ضيق" تحمل في عنوانها المكان لتجعل الشارع أهم مرتكز تقف عليه أحداث الرواية، ورواية "السفينة" تتخذ من السفينة مكاناً لتدور عليه أحداث الرواية، كذلك جعلت رواية "الغرف الأخرى" الأحداث تدور داخل الغرف كما يشير العنوان.وقد اختلفت الأمكنة في روايات جبرا ما بين مكان مغلق وآخر مفتوح ولكل منهما صفاته المختلفة التي نستطيع تبينها من خلال قراءة الروايات الست التي شملها هذا البحث، الذي لم تقيد فيه الباحثة نفسها بمنهج معين، بل اعتمدت فيه على المنهج التحليلي لا سيما في دراسة النصوص، وذلك لأن هذا المنهج يساعد على التعمق في النص وفهمه، ويسهم في الوصول إلى الأهداف المرجوة من البحث.هذا وقد جاء الدراسة في تمهيد وفصلين وخاتمة؛ أما التمهيد فيتناول مفهوم المكان من وجهة نظر علماء الفلسفة والاجتماع، ثم مفهوم لمكان وتطوره في الأدب. ويتناول الفصل الأول صورة المكان التي تنقسم إلى: 1-المكان المغلق، ويضم الحديث عن: البيت، والسجن-غرف التحقيق، والمقهى، والملهى، 2-المكان المفتوح، ويضم الحديث عن: الصحراء، والبحر (السفينة) والشارع، 3-المدينة. ويتناول في الفصل الثاني الحديث عن البناء الفني، وذلك من خلال العناصر الأدبية وارتباطها بالمكان، ويضمّ علاقة المكان بالشخصية وتأثيره فيها من الناحية الجسدية والنفسية، ثم الحديث عن علاقة المكان بالزمان: الزمن التاريخي، الزمن الوجودي، وجدلية الماضي والحاضر، زمن ما قبل النكبة، زمن ما بعد النكبة. ثم الكان واللغة، ودرس فيه الرمز والأسطورة، والأساليب السردية، وعلاقة كل منها في تشكيل المكان والتعبير عنه، آخذة بعين الاعتبار أن اللغة هي الشكل لكل حديث عن الموضوع بأكمله.