اللغة هي المرأة التي تعكس في جرس ألفاظها ونفحات تعابيرها وطريقة أدائها خصائص المتكلمين بها وصفاتهم وملامح شخصيتهم ومعالم تفكيرهم وعقليتهم وسمات طبائعهم وعاداتهم وأخلاقهم. ولما كانت اللغة ألصق شيء بحياة الإنسان، فقد استوجب ذلك أن تحتل من العناية منزلاً كريماً، وحيث تمتعت اللغة العربية بخصائص متميزة وسمات فريدة لم تظفر بها لغة في ...
قراءة الكل
اللغة هي المرأة التي تعكس في جرس ألفاظها ونفحات تعابيرها وطريقة أدائها خصائص المتكلمين بها وصفاتهم وملامح شخصيتهم ومعالم تفكيرهم وعقليتهم وسمات طبائعهم وعاداتهم وأخلاقهم. ولما كانت اللغة ألصق شيء بحياة الإنسان، فقد استوجب ذلك أن تحتل من العناية منزلاً كريماً، وحيث تمتعت اللغة العربية بخصائص متميزة وسمات فريدة لم تظفر بها لغة في الكون، فقد استحقت بذلك أن ترزق حظاً من العناية والاهتمام لم يكن لسواها من لغات البشر.ولكن هذه اللغة الكريمة لم تسلم، خلال أطوار حياتها ومراحل انتقالها عبر الأجيال، من إساءة الأعداء وحقد الخصوم الذين أخذت ترتفع أصواتهم ضدها، خاصة في هذا القرن، حيث ظهرت دعوات منكرة تصف العربية الفصحى بالعقم تارة، وبالعجز عن مواكبة العصر الحاضر تارة أخرى، وتارة ثالثة تتهم الحروف العربية بالجمود والقصور عن مسايرة روح العصر الحديث، فكانت الدعوة إلى استبدال الفصحى بالعامية.لذا يمكن القول بأن حركة التغريب اللغوي والدفن لشخصية الفصحى، التي ينتشر سرطانها المرعب في جسد الأمة العربية اليوم، تضع أدباء اللغة العربية وعلماء وأرباب بيانها أمام مسؤولية الدفاع عن حرمة لغتهم، وصدِّ جميع المحاولات الهادفة إلى القضاء على أصالتها.من هذا المنطلق يأتي نشر هذا الكتاب "البلغة" الذي وضع بين يدي الناشئة العرب والناطقين بالعربية، بحلة معاصرة، تحقيقاً وتوضيحاً وتوثيقاً. والكتاب "البغلة" أودع فيه مؤلفه موجزاً من ثلاثة كتب هامة هي "المزهر في علوم اللغة وأنواعها" للإمام السيوطي، و"كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" لحاجي خليفة، و"الإتقان في علوم القرآن" للإمام السيوطي أيضاً، وأضاف على ذلك زيادات من كتب ومؤلفات أخرى.أما كتاب المزهر فقد بحث المؤلف من خلاله في أصل نشأة اللغة العربية والمذاهب المختلفة في ذلك، والكتب المؤلفة فيها، ومعاجم العربية وقواميسها، كما بحث المؤلف في علوم العربية وطرق تحمل اللغة وروايتها، وأحوال الأدلة اللغوية ومظاهر بلاغة العربية وإعجازها، وفصيح اللغة ومذمومها، وفي المولد منها والدخيل، وفي معظم خصائصها وسماتها.وأما كتاب "كشف الظنون"، فهو يعتبر من أهم الكتب المترجمة لأسماء الكتب والتصانيف والرسائل في مختلف نون العلم والمعرفة، وهو أضخم معجم لأسماء المؤلفات والتصانيف القديمة والمعاصرة إلى عهد المؤلف.وأما كتاب "الاتقان في علوم القرآن" فهو يعدّ من أضخم وأوسع الكتب المؤلفة في علوم القرآن وإعجازه، وقد جعله مؤلفه في جزأين يتضمنان دراسة شاملة ووافية لمختلف علوم القرآن ومظاهر إعجازه. وقسمه إلى أنواع تعدادها ثمانون نوعاً في كلا الجزأين.