"الخطاب الديني، رؤية نقدية" دراسة تعتمد مجمل الخطاب الديني موضوعاً لها، وذلك دون الأخذ في الاعتبار تلك التفرقة، المستقرة إعلامياً، بين "المعتدل" و"المتطرف" في هذا الخطاب: يقول نصر حامد أبو زيد بأن الفارق بين هذين النمطين من الخطاب فارق في الدرجة لا في النوع. والدليل على ذلك أن الباحث لا يجد تغايراً أو اختلافاً، من حيث المنطلقات ...
قراءة الكل
"الخطاب الديني، رؤية نقدية" دراسة تعتمد مجمل الخطاب الديني موضوعاً لها، وذلك دون الأخذ في الاعتبار تلك التفرقة، المستقرة إعلامياً، بين "المعتدل" و"المتطرف" في هذا الخطاب: يقول نصر حامد أبو زيد بأن الفارق بين هذين النمطين من الخطاب فارق في الدرجة لا في النوع. والدليل على ذلك أن الباحث لا يجد تغايراً أو اختلافاً، من حيث المنطلقات الفكرية أو الآليات، بينها. ويتجلى التطابق في اعتماد نمطي الخطاب على عناصر أساسية ثابتة في بنية الخطاب الديني بشكل عام، عناصر أساسية غير قابلة للنقاش أو الحوار أو المساومة. في القلب من هذه العناصر عنصران جوهريان ستتعرض لهما هذه الدراسة بالمناقشة وهما: "النص" و"الحاكمية". وكما يتطابق نمطا الخطاب من حيث المنطلقات الفكرية، يتطابقان كذلك حيث الآليات التي يعتمدان عليها في طرح المفاهيم وفي إقناع الآخرين واكتساب الأنصار والأعوان.وتتعدد آليات الخطاب وتتنوع بتعدد وسائل طرح هذا الخطاب وأدواته، ومع ذلك فهناك جامع مشترك يمكن رصده وتحليله، خاصة إذا استبعد من مجال التحليل آليات الأداء الشفهي واقتصر التحليل على الآليات الذهنية والعقلية التي توجد في كل، أو معظم، وسائل الخطاب وأدواته وتتوقف هذه الدراسة عندما تعتبره أهم آليات هذا الخطاب، وهي تلك الآليات الكاشفة عن المستوى الذي يجمع بين الاعتدال والتطرف من جهة، وبين "الفقهاء" و"الوعاظ" من جهة أخرى. هذه الآليات التي تناولها المؤلف يمكن إجمالها فيما يلي: 1-التوحيد بين "الفكر" و"الدين" وإلغاء المسافة بين الذات و"الموضوع". 2-تفسير الظواهر كلها بردها جميعاً إلى مبدأ أول أو علة أولى، تستوي في ذلك الظواهر الاجتماعية أو الطبيعية. 3-الاعتماد على سلطة "السلف" أو "الذات" وذلك بعد تحويل النصوص التراثية، وهي نصوص ثانوية، إلى نصوص أولية، تتمتع بقدرها كل من القداسة لا تقل، في كثير من الأحوال، عن النصوص الأصلية. 4-اليقين الذهني والحسم الفكري "القطعي" ورفض أي خلاف فكري، من ثم، إذا كان في الفروع والتفاصيل دون الأسس والأصول. 5-إهدار البعد التاريخي وتجاهله، ويتجلى ذلك في البقاء على الماضي الجميل، يستوي في ذلك العصر الذهبي للخلافة الرشيدة وعصر الخلافة العثمانية.وقد عمد المؤلف وقبل دخوله في صلب الموضوع وجوهره، إلى الكشف عن بعض مظاهر التطابق بين تياري الاعتدال والتطرف، على مستوى المنطلقات الفكرية، وذلك من خلال الحوار" الإعلامي الذي تديره وتشرف عليه سلطات الأمن في عصر بعد اغتيال رئيس الجمهورية "أنور السادات". ويمكن تحديد المحاور التي دار النقاش حولها في الدراسة والتي رتبها المؤلف ضمن فصول ثلاث كالتالي: الفصل الأول: الخطاب الديني المعاصر آلياته ومنطلقاته الفكرية. الفصل الثاني: التراث بين التأويل والتكوين، قراءة في مشروع اليسار الإسلامي. الفصل الثالث: قراءة النصوص الدينية، دراسة استكشافية لأنماط الدلالة.