مقدمة الكتاب: من أشد ما تبتلى به الامم أن تتنادى بالشعارات دون تحليل او دراسة أو بيان، و أن تتعاطى الظنون بغير علم أو تحقيق أو يقين. فهي إن تفعل، تعيش في الحماس العاطفي و تندفع الى الإنفعال الوجداني الذي يتكاثر بالأوهام و يتزايد بمجرد الكلام، بلا فعل جدي، و لا تأثير حقيقي في الواقع و الحقيقة، حتى تصبح هذه الأمم أسيرة الشعارات ال...
قراءة الكل
مقدمة الكتاب: من أشد ما تبتلى به الامم أن تتنادى بالشعارات دون تحليل او دراسة أو بيان، و أن تتعاطى الظنون بغير علم أو تحقيق أو يقين. فهي إن تفعل، تعيش في الحماس العاطفي و تندفع الى الإنفعال الوجداني الذي يتكاثر بالأوهام و يتزايد بمجرد الكلام، بلا فعل جدي، و لا تأثير حقيقي في الواقع و الحقيقة، حتى تصبح هذه الأمم أسيرة الشعارات التي رفعتها، حبيسة الظنون التي أطلقتها؛ لا تقدر على تحقيقها، ولا تستطيع منها مهربا، و لا تفلح في إحداث تعديل ضروري فيها. و هذا الحال الخطر، يحدث عادة في الامم التي تترك أسباب الحضارة لتظل في أحلام الماضي، و تتهرب من أصول العمل لتقنع بترديد الألفاظ، و تتغرب عن قوانين الحياة لتستعيض عنها بالتشويش و التخليط. و القرآن الكريم ينبه لهذا الحال الخطر الآية التي اخترناها في صدر هذ الكتاب (إن الظن لا يغني من الحق شيئاً)، أي أن الأوهام لا يمكن أن تكون بديلة للواقع، و الظنون لا يمكن أن تؤدي إلى الحقيقة؛ وأن الحق لا يعرف إلا باليقين الذي هو صحيح لعلم و عميق البحث و رصين الراسة. و لقد رفع البعض في العالم الإسلامي عامة، وفي مصر خاصة، شعار (تطبيق الشريعة) و ظل يردده دون تحليل أو دراسة أو بيان؛ و يتصور أن هذا الشعار كاف بذاته لتغيير الواقع وإحداث الجديد، فيتعاطى بذلك الظنون بغير علم أو تحقيق أو يقين.