أقام الإمام ابن القيم كتبه على أساس من التنوع في الموضوعات، فإنه قلما يقتصر في الكتاب الواحد على موضوع واحد، ولذا فأنت عندما نفتح كتاباً من مؤلفاته، تجد نفسك أمام صديقة غناء، وارفة الظلال، متنوعة الثمار... وهذا ما يفسر لنا اختيار لعناوين عريضة قابلة لما يوضع تحتها. وقد نتج عن هذه الطريقة التي اتبعها ابن القيم في تآليفه 1-غياب كث...
قراءة الكل
أقام الإمام ابن القيم كتبه على أساس من التنوع في الموضوعات، فإنه قلما يقتصر في الكتاب الواحد على موضوع واحد، ولذا فأنت عندما نفتح كتاباً من مؤلفاته، تجد نفسك أمام صديقة غناء، وارفة الظلال، متنوعة الثمار... وهذا ما يفسر لنا اختيار لعناوين عريضة قابلة لما يوضع تحتها. وقد نتج عن هذه الطريقة التي اتبعها ابن القيم في تآليفه 1-غياب كثير من الموضوعات في ثنيا الكتب، حيث لا دليل عليها من عنوان أو فهرس أو مقدمة. 2-تكرار الموضوع الواحد في أكثر من كتاب، 3-ذكر بعض الموضوع في كتاب، وبعضه الآخر في كتاب آخر. الأمر الذي يضيع وقت القارئ في بعض الأحيان، ويتعبه في بعضها الآخر وإزاء هذا الواقع، وفي وقت قامت فيه التخصصات في كل ميدان كان من المستحسن أن يقوم هذا التراث للقارئ على أساس موضوعي حتى يتاح له الاستفادة منه بيسر وسهولة.ولا يتم ذلك إلا بما يمكن أن نسميه "الفرز الموضوعي" حيث تجمع مادة الموضوع الواحد من الكتب الذي ذكر فيها، ثم يتم التنسيق بين المادة المجموعة بعد ذلك وتخرج في كتاب مستقل يحمل عنوان الموضوع عمل الجمع. وهذا الكتاب الذي بين أيدينا يمكن أن يعد أنموذجاً لهذا العمل. وموضوع "العلم" أحد الموضوعات التي تناولها الإمام ابن القيم في عدد من كتبه، فأخاض في بعضها القول، واختصر في بعضها، ومن هذه الكتب: 1-مفتاح دار السعادة، 2-مدارج السالكين، 3-إعلام الموقعين، 4-الفوائد. وقد استوعب في الكتاب الأول معظم ما دوّنه في هذا الميدان، فقد جمع فيه ما يزيد عن مائتي فضيلة، وشعل بها مساحة تزيد على ثلاثمائة صفحة. ولكنه في بيانه لهذه الفضائل لم يكن ذا منهج محدد المعالم من حيث طريقة العرض وترتيب الموضوع، بل كان هذا التعداد عفوياً كيفما تيسر. أما الكتاب الثاني "مدارج السالكين" فقد تعرض إلى موضوع العلم عند مقارنته بالمعرفة، وعندما تحدث عن العلم اللدني... وأما الكتاب الثالث "إعلام الموقعين" ففيه كلام كثير عن العلم ولكنه ليس حديثاً عن العلم في إطاره العام الذي هو الموضوع محل البحث، بل في ميدان الرأي والقياس وأنواعه... وأما الكتاب الرابع-الفوائد- فإن فيه بعض الفقرات القصيرة المتعلقة بالموضوع، وقد ألحقت بالمكان المناسب وخلاصة القول إن هذا الكتاب الذي بين أيدينا يجمع مختلف نصوص هذه الكتب الأربعة مع بيان لمرجع كل فصل وكل فقرة وبيان مكانها في المرجع الذي أخذت منه.