التربية منظومة وسياق في تنشئة الأجيال، يتم من خلاله مبدئياً ممارسة تحقيق مشروع المستقبل، إذ لا يقبل مبدئياً، أن يقال أو يعتمد في الأداء التربوي، ما كان يعتمد من تصورات وأساليب الإعداد في الماضي وللماضي، لإن ذلك ينافي مبدأ التربية التي هي عملية تأخذ من طبيعة ما تشتغل عليه، وهو الطبيعة الزمنية للنمو بصفة عامة، والبشري منه على وجه ...
قراءة الكل
التربية منظومة وسياق في تنشئة الأجيال، يتم من خلاله مبدئياً ممارسة تحقيق مشروع المستقبل، إذ لا يقبل مبدئياً، أن يقال أو يعتمد في الأداء التربوي، ما كان يعتمد من تصورات وأساليب الإعداد في الماضي وللماضي، لإن ذلك ينافي مبدأ التربية التي هي عملية تأخذ من طبيعة ما تشتغل عليه، وهو الطبيعة الزمنية للنمو بصفة عامة، والبشري منه على وجه الخصوص، الطبيعة المتسمة بعدم القابلية للتراجع إلى الوراء. ومن هنا يبدو أن أساس التعذر في حل معضلة «نحن والتربية» أو في مقابلة طرفيها، يكمن في مدى التشبث بالماضي في مشروعنا المستقبلي من جهة، واتجاه العملية التربوية في طبيعتها الزمنية النمائية من جهة أخرى، أو ما نرسمها لها من حدود في هذا الاتجاه على الأصح.وقد يصبح السؤال هنا على النحو الآتي : هل من الحق والمشروعية أن توضع للعملية التربوية حدود تقف عندها ولا تتجاوزها ؟ وإذا تصورنا ذلك أو سلمنا بضرورته، فإلى أي مدى ؟ وعلى أية أسس، وبأية معايير ؟لاشك أن ضرورة السيرورة التقدمية، تفرض على كل مجتمع أن يعمل وفق السير لتحقيق هذا التوجه، وسيلته وسبيله إلى ذلك : التربية؛ بيد أن المقصود هنا هو ما يساهم في بناء الإنسان في كليته، جسمياً وفكرياً وذوقياً للارتقاء الإيجابي في اتجاه النمو والتقدم؛ باعتبار أن ما عدا ذلك، أي ما لا يساهم على هذا النحو، وهو بالتالي ولهذا بالذات يساهم في عكسه، فلا مجال للتفكير بوجود عملية تربوية في هذا المستوى، مما يتأكد معه المبدأ المتمثل في أن التربية إما أن تكون أو لا تكون، وينتج عنه بالتالي أننا ما دمنا لم نحقق بالقدر المطلوب وفي الاتجاه الإيجابي، فإننا يجب أن نراجع المفاهيم والدلالات، فقد نطلق تربية على ما ليس كذلك، أو ما هو نقيض ذلك بتعبير واضح ومباشر.«نحن» والتربية، علاقة بين طرفين يجب تبينها، وبقدر ما يتقلص الفرق والفارق والافتراق في الاتجاه الايجابي، بقدر ما يتقلص الرابط بي الطرفين، ونصبح بالتالي أقرب ما نكون إلى : نحن التربية، التربية نحن. تبدو الصورة مثالية ؟ لم لا ؟ إنها مثالية التربية.