فاء ديسمبر

في اللافتة النصية الأولى التي تستهل بها الشاعرة عملها «فاء ديسمبر» والتي تتمظهر كمدخل إلى ولوج النص، تُعبِّر "فيروز محمد" عن أنينٌ لا متناه في الذات/ الشاعرة يسكن كل حرف من حروفها "ليس َ لِشخص بينَ هذه الأحرف مكان تمتَمات سقطت يوماً، لا يدري بحالها سوى قلبي وبضعِ دمع". ومن تلك الرؤية المركبة التي تصنع مناخاتها الشاعرة في أشكال تراكمية ونسيج بنيوي؛ تنطلق لتؤسس حياة النص عبر لغة دراماتيكية وصور شعرية دالة على الألم والفقد والغياب، وفي تناسق هارموني مع فضاء النثر، وكل ذلك يأتي في اتجاه خلق خصوصية حداثية خاصة بها وحدها كأنثى وكشاعرة معاً.ولأن لكل مسمى من اسمه نصيب فإن الشاعرة حاضرة في نصها تغوينا بعوالمها، وتأسرنا بأسلوبها، هكذا ندخل في النص مثل دخولنا أرض سحرية تستدرجنا، بمقاطع شعرية تنساب مشمولة بضباب الماضي وقصص الحاضر فها هي تستدرج فيروزها "غجَريةُ الدّف/ تضرب الأرض كِبرياءً بريئاً بِصدى خُلخالِها/ تنزفُ راقصةً أحرفاً حَزينةً بفرح مُرتَديةً حَجَر اسمي (فيروز)/ حجرٌ كريمٌ، عزيزُ النفس مُقلد لا يُطال ولا يسقُط/ ولا ينحني./ تشققت الروحُ وتألمتْ بشدة/ حتى القلبُ تحجر/ وأبى جسدها أن يلفظهُ على أي طريق/ شعرت أنها غريبة/ لا بأس لوْ أنَّ دموعها اختلطتْ مع الأمطار/ وبأنها طفلةٌ يتيمة/ لا بأس لو احتضنت دميتها وَغَفتْ بعد أن بلعت غصتها/ وَأيقنت بأن ّحُسْنّهم وهَم/ شعرَت بالكثير والكثير مِنَ الأسى/ والقليل كصغر الفسيفساء مِنَ الأمل/ لا أحد وربي لا أحد/ سيرى نبض قلبها بما حوى". إن طاقة النص هنا تظهر من خلال حركة النسق اللغوي بما يقيم من علائق صورية تتمظهر في بنى شعرية يرشح عن نشاطها ذلك البوح الأنوي داخل فضاء نص قل مثيله في الأجناس الأدبية؛ لأنه يمتح من تجربة حياتية في أبسط تفاصيلها وفي اللامرئي واللامحسوس ومدرك كذلك.وفاء ديسمبر، عنوان لنص نثري طويل، يضم مقاطع شعرية تمتد على طول صفحات الكتاب وقد ألحقتها الشاعرة بمسك الختام، كلمات إلى أعز الناس "أحضاني.. كافيةٌ بأنْ تكونَ غيرُ وافية.. لأمي وأبي/ ولجميع من عانق سماء أيامي.. بغيمةِ حُبّ هذا الحرف".