لعل الغزل في قيثارة الشعر العربي الغنائي، من أحب أوتار هذه القيثارة إلى القلوب والنفوس، لأنه إذا انثال طيّعاً بفعل الصبابة والوجد، وعانق عبارته بسهولة ويسر، ودونما غلوّ في التصنع أو التكلف… كان الأثير بين مذاهب الفن الشعري عند الأدباء والمتأدبين في سائر العصور. وهو لذلك احتل مكانته المرموقة، قديماً وحديثاً، في مجالس الخلفاء والأ...
قراءة الكل
لعل الغزل في قيثارة الشعر العربي الغنائي، من أحب أوتار هذه القيثارة إلى القلوب والنفوس، لأنه إذا انثال طيّعاً بفعل الصبابة والوجد، وعانق عبارته بسهولة ويسر، ودونما غلوّ في التصنع أو التكلف… كان الأثير بين مذاهب الفن الشعري عند الأدباء والمتأدبين في سائر العصور. وهو لذلك احتل مكانته المرموقة، قديماً وحديثاً، في مجالس الخلفاء والأمراء والأعيان، ودارت حوله الحكايات والأسمار. وكان له في الشعر العربي ديوان حافل بالروائع من المقطوعات والقصائد من أسمائها، أيضاً، في معجمات اللغة، النسيب والتشبيب، وهي تدور باتفاق أرباب اللغة على موضوع أوليّ يجسد ماهيته ويسلط الضوء على مضامينه وأساليبه، وهو المرأة، والمحب والمحبوب، وما يدور في فلك الحب العام من أدوار لها شأنها، أدوار رسل الحب والعاذلون والحاسدون والوشاة.هذه المعطيات المتعددة الألوان على الصعيد الأدبي والنفسي والفني، والتي تثيرها مزامير الغزل ومعزوفات النسيب ولوحات التشبيب ورسوماته، في كل محفل من محافل الفن والجمال هي التي حدت بالمؤلف إلى تقديم هذه الباقة من رياحين الشعر الغزلي الأكثير سيرورة في ركابا لزمن والأكثر قدرة على صقل ملكات المتذوق الجمالية والاستجابة لرغباته الأدبية الرفيعة، وقد بدا له جلياً أن مثل هذه القصائد ذات النزعة الوجدانية، ولا تفي بالغرض من جمعها وتنسيقها، ما لم توضع في أطرها الزمانية والمكانية والنفسية تقويماً وتحليلاً ملائمين بحيث تغدو أهمية هذا الصنيع في ميدان الكتاب مزدوجة جامعة للإمتاع والمؤانسة من ناحية ولفوائد المعرفة والتذوق الأدبي من ناحية أخرى.