ذكر أبو الطيب محمد بن إسحاق بن يحى الوشاء في أواخر القرن الثالث هجري في كتابه: الموشى" فقال: أين ظرف النساء وحسنهن من غيرهن. وأين ملاحة سلامهن، وحلاوة كلامهن، ومستحسن مداعبتهن، ومحبوب معاتبتهن، ومليح مراسلتهن، لا سيما إذا شين هواهن بالغيرة على محبيهن، و التدلل على معشوقيهن، وصدهن من غير زلل، وهجرهن من غير ملل. وهن والله في كل أح...
قراءة الكل
ذكر أبو الطيب محمد بن إسحاق بن يحى الوشاء في أواخر القرن الثالث هجري في كتابه: الموشى" فقال: أين ظرف النساء وحسنهن من غيرهن. وأين ملاحة سلامهن، وحلاوة كلامهن، ومستحسن مداعبتهن، ومحبوب معاتبتهن، ومليح مراسلتهن، لا سيما إذا شين هواهن بالغيرة على محبيهن، و التدلل على معشوقيهن، وصدهن من غير زلل، وهجرهن من غير ملل. وهن والله في كل أحوالهن، القائلات بأفعالهم. وصالهن ختلن وحدهن قتلن وهن المالكات للقلوب. والسالبات للعقول، إذا خلون فرحن، وإن ظهرن نظرن فقتلن بلحظ عيونهن، وصرعن بكسر جفونهن.، وأحيين بقولهن الكاذب، ووعدهن الخائب، فلا شيء أحسن من مطلهن، ولا الذ من خلف وعدهن وقد استحسنت الشعراء ذلك منهن، ومدحته في كثير من الأشعار فيهن.ودخلت عزة على هشام بن عبد الملك بن مروان، فقال: يا عزة أتعرفين قول كثير: وقد زعمت أني تغيرت بعدها ومن ذا الذي يا عز لا يتغير تغير جسمي والخليقة كالذي عهدت ولم يخبر بسرك مخبر، فقالت: ما أعرف هذا ولكني أعرف قوله: كأني أناجي صخرة حين أعرضت من الصم لو يمشي بها العصم زلت صفوح فما تلقاك إلا بخيلة فمن مل منها ذلك الوصل ملت.ولشدة تعلق العرب بالغناء، فقد علموا الجواري فنون الغناء والأدب، والشعر لأن المغنية لا تستطيع أن تحسن الغناء، في ذلك العصر، إذا لم تكن على علم وإطلاع على الشعر والأدب. وقد تقدم الغناء وارتقى على أيديهن في العصر العباسي تقدماً كبيراً، وعني العباسيون بالأدبيات النابغات منهن.ويروى أن الخليفة هارون الرشيد بلغ عدد جواريه ألفي جارية، جعلن في قصره، ولكل منهن صنعة وفن وميزة في الأدب والشعر والطرب. وتنافس الناس بشراء الجواري أسوة بالملوك، وانتقلت روح الأدب من الجواري إلى بنات البيوت العربيات، فكان للجواري فضل كبير في محاولة الكثيرات قرض الشعر ومطارحة الشعراء.وقد نظمت الجواري الشعر بشتى أغراضه وأبوابه من غزل ومديح وهجاء ووصف وعتاب. ويزعم الجاحظ أن الحاذقة منهن، كانت تجيد ما لا يقل عن أربعة آلاف بيت. وكان العصر العباسي عصر مطارحة للشعر بين الرجال والجواري. يبدأ الشاعر ببيت فتعارضه الجارية بآخر، من الوزن نفسه، والمعنى ذاته، والقافية التي لا يجوز تبديلها، والفوز يكون على الأرجح للجارية لأنها أرق طبعاً ولفظاً وأسرع بديهة.إن الأدب النسائي كله قائم على الشكوى من المجتمع أي على الشكوى من الرجل، لأن الرجل هو الذي وضع قوانين المجتمع. والأدب النسائي يثور على الرجل الذي ينظر إلى المرأة على أنها "أنثى" فقط، على أنها فاكهة يأكلها الرجل ويشبع ويبحث عن ثمرة أخرى، أو لا يبحث عنها إلا إذا جاع. والمرأة لأنها عاشت في مجتمع من صنع الرجل، فقد ظلت حريصة ألوف السنين على إرضائه، على أن تكون "أنثى" ولذلك اهتمت أكثر من اهتمامها بإنسانيتها. فأضاعت وقتها في التجميل وفي الزينة وفي ارتداء الملابس أكثر من اهتمامها بثقافتها. وحتى عندما اهتمت بثقافتها أخفت في كل كتاب مشطاً وفي كل مجلة مرآة، لأن الرجل يريدها جسداً ويضيق بها عقلاً، فضاقت هي بعقلها، وجعلت جسدها هو مملكتها... وهذا واضح في الأدب النسائي في لبنان وسوريا ومصر، فهو نوع من الاعترافات الصارخة، وعلى الرغم من أن المرأة تعلمت وتخرجت واشتغلت، فإنها لم تتحرر من طغيان الرجل، أو من نظرته الحيوانية السطحية.والكتاب الذي بين أيدينا يورد في صفحاته لبعض ما عثر عليه في كتب الأدب من النوادر والأشعار، والأجوبة والمحاورات التي صدرت عن نساء وجوار!!