وسط الصراع الفلسفي القائم بين أنصار مدرسة القانون الطبيعي ومدرسة القانون الوضعي، ظهرت ما بين القرن السادس والتاسع عشر للميلاد في ألمانيا مدرسة جديدة عرفت باسم "المدرسة التاريخية للقانون". يرى أتباع هذا التيار أن "دراسة القانون في التاريخ" هي السبيل الوحيد لإدراك سرّ ظهور القواعد القانونية وتفسير السبب الحقيقي لوجودها. فإن كان م...
قراءة الكل
وسط الصراع الفلسفي القائم بين أنصار مدرسة القانون الطبيعي ومدرسة القانون الوضعي، ظهرت ما بين القرن السادس والتاسع عشر للميلاد في ألمانيا مدرسة جديدة عرفت باسم "المدرسة التاريخية للقانون". يرى أتباع هذا التيار أن "دراسة القانون في التاريخ" هي السبيل الوحيد لإدراك سرّ ظهور القواعد القانونية وتفسير السبب الحقيقي لوجودها. فإن كان مؤرّخ القانون يسعى إلى دراسة القانون من منظور تاريخي، إلا أن الصعوبة التي تعترضه تتمثل في منهجية تحديد القانون في الزمن؛ ذلك أن مادة تاريخ القانون ترفض الأدوات المنهجية التقليدية كالتجريب والاستبيان. فلا مجال لإدراك المواضيع القانونية التاريخية إلا بدراسة التعبيرات المباشرة للقانون: أي بواسطة تحليل النصوص الناقلة للقاعدة القانونية، سواء أخذت شكل نصوص مقدسة، أو كتب فقهية، أو دواوين ملكية، أو أحكام قضائية، أو مجامع عرفية...إلخ. فتحليل المدونات القانونية يشكّل أوّل محاور مادة تاريخ القانون. إلى جانب دراسة النظم القانونية التي تقتبس بدورها من التخصصات "المجاورة" لعلم القانون، خاصة منها علم التاريخ، وعلم الأديان، وعلم الاجتماع. حيث أن معرفة المعتقدات الدينية، وفهم التصورات الاجتماعية، يمثل شرطا جوهريا للإحاطة بالتطور التاريخي للقوانين.