من يستعرض ما يتوفر من مراجع حول الثقافية في البحرين يدرك أن هذه الجزر لم تخل في يوم من الأيام من مظاهر علمية وتعليمية، وأنشطة تجلت في (البحرين) منذ بدأ التاريخ الأدبي تشغل مساحة منه، فمنذ العصر الجاهلي والشعراء، أمثال: طرفة بن العبد، وعمرو بن قميئة، والمتلمس والمرقشين الأكبر والأصغر، المتقب العبدي، ترتبط أسماؤهم باسم البحرين... ...
قراءة الكل
من يستعرض ما يتوفر من مراجع حول الثقافية في البحرين يدرك أن هذه الجزر لم تخل في يوم من الأيام من مظاهر علمية وتعليمية، وأنشطة تجلت في (البحرين) منذ بدأ التاريخ الأدبي تشغل مساحة منه، فمنذ العصر الجاهلي والشعراء، أمثال: طرفة بن العبد، وعمرو بن قميئة، والمتلمس والمرقشين الأكبر والأصغر، المتقب العبدي، ترتبط أسماؤهم باسم البحرين... واستمرت هذه الإبداعات مع مر الأيام... وفي العصور الإسلامية عرفت المنطقة علماء وفقهاء وشعراء وأدباء تركوا وراءهم عشرات المؤلفات والمصنفات، والمأثورات... ولا يقصد من هذه الإشارة سوى أن هذه المنطقة بيئة ثقافية بشكل أو بآخر، ولا بد أن المعرفة انتقلت فيها بحسب وسائل الانتقال المألوفة من رواية وحفظ وتدوين... ولقد شاعت وانتشرت "مدارس الفقه والشريعة وحلقات التدريس وكانت تتخذ من زوايا المسجد والجوامع مكاناً لها على نظام حلقات التدريس المعروفة، أو في مجالس العلماء الخاصة.ولقد كانت ظاهرة "الصالونات الأدبية" شائعة ومعروفة على مرّ السنين، وإن كان بحسب أشكال مختلفة. فكان كل فقيه أو عالم أو مثقف يتخذ لنفسه مجلساً يجمع فيه المهتمون بالثقافة والمعرفة والفقه والشعر، ويتداولون المذاكرة والمعرفة، وتحفل الكتب بعشرات الأسماء من ذوي الاختصاصات المتنوعة، والمختلفة.يسوق المؤلف في مقدمة كتابه "الخروج من العتمة" هذه التوطئة لمجرد التأكيد على وجود معرفة ما في البحرين في مختلف العصور تبر الاعتقاد بأن الأرضية العامة أرضية علمية إلى حد كبير، وليس مجرد بيئة أمية، كما كانت البيئات الكثيرة في أطراف الوطن العربي، أثناء الحكم التركي على وجه التحديد.ولمزيد من الإيضاح والتوثيق كان هذا الكتاب الذي يسوقه المؤلف للتأكيد على المناخ العلمي والتعليمي الذي كان يسود البحرين في عصوره المبكرة، مذكراً القارئ بأنه ليس هو بالمحلل التربوي، أو المنظر في مجال التربية والتعليم، إنما هو ذاك الحريص على جمع معلومات تفيد المحللين والمنظرين في ذاك المجال، فالكتاب كتاب معلومات حاول المؤلف من خلاله أن يقيم البنيان التعليمي والتربوي البحراني بشكل مكتمل أو شبه مكتمل ضمن فترة زمنية محددة في القرن العشرين وذلك من خلال استقراءاته وتجميعه للمعلومات المتعلقة بموضوعه هذا حيث كتب ما باستطاعته كتابته من معلومات، وبقدر ما أسعفته الوثائق، وبقدر ما سمعه مشافهة، مجتهداً في تقسيم التعليم في البحرين إلى مراحل، وذلك بحسب سمات كل فترة، وخصائص كل مرحلة ففي البدء كان التأسيس للتعليم البحراني، ثم كان الانفتاح، ثم كان التحديث، ثم كان التوطين، وهذا استغرق نصف قرن من الزمان... خمسين عاماً، أي أن المؤلف وقف في جمع هذا الكم من المعلومات المتعلقة بالمراحل التعليمية البحرانية على مشارف الاستقلال عام 1970، حيث يكون عمر التعليم في البحرين آنذاك خمسين سنة. ويذكر المؤلف بأن الحديث عن المدة بين 1970 وإلى الوقت الحاضر، لعلها تكون موضوع جزء آخر... سيكون مجال بحثه إذا أسعفه الوقت والإمكانيات.