تمثل المسئولية والثقة كلمتي سر في الشركات المعاصرة، ولكن ما الذي يتولي المدير المسئولية عنه؟ لقد ظللنا عقوداً طويلة نتحدث عن "المسئولية اللامركزية عن الأرباح"، وعادة ما نقيس النتائج بمعايير نقدية، وحتى قوائم الدخل التي نعدها عن وحدات وإدارات عمل معينة تماثل في تصميمها قائمة داخل الشركة. هل هذا كاف؟ هل رسالة مختلف أجزاء الشركة هي...
قراءة الكل
تمثل المسئولية والثقة كلمتي سر في الشركات المعاصرة، ولكن ما الذي يتولي المدير المسئولية عنه؟ لقد ظللنا عقوداً طويلة نتحدث عن "المسئولية اللامركزية عن الأرباح"، وعادة ما نقيس النتائج بمعايير نقدية، وحتى قوائم الدخل التي نعدها عن وحدات وإدارات عمل معينة تماثل في تصميمها قائمة داخل الشركة. هل هذا كاف؟ هل رسالة مختلف أجزاء الشركة هي تحقيق أرباح وعائد علي الاستثمار؟ في كثير من الأحوال لا يكون هذا هو المطلوب، والمديرون التنفيذيون العاقلون يعملون أن على شركتهم أن تطور القدرات التي ستحتاجها لكي تزدهر في المستقبل، إلا أن ذلك لن يحقق أرباحاً في السنة الجارية، بل تكاليف فقط.وهنا يكمن في اعتقادنا السبب الجوهري في حاجة الشركات إلي قياس الأداء المتوازن، وتبدو هذه الحاجة أكثر وضوحاً بالنسبة لكثير من المنظمات التي لا تتخذ من الربح هدفاً لها، ومنها الوكالات الحكومية ووحدات العاملين الداخلية في الصناعة وغيرها. إن علينا أن نفعل المزيد لنصف ما نتوقعه من وحدة ما وإلي أي مدى يجرى الوفاء بتوقعاتنا بشكل جيد.ربما كانت هذه المسألة أقل إلحاحاً في الماضي، فقد كان تركيز المبيعات والإنتاج منصباً في الأساس علي المدى القصير، وكان الإعداد للمستقبل شيئاً تقوم به الشركات في إدارات التطوير ومن خلال متطلبات التصريح المركزي بالمصروفات الرأسمالية.واليوم لم نعد نعتبر هذا المنهج كافياً، فالإعداد للمستقبل يتعلق بالاستثمار في القدرات وإقامة علاقات مع العملاء وإنشاء قواعد بيانات، ويتم أداء جانب كبير من هذا العمل في مواقع أخرى بالمنشأة غير المقر الرئيسي، ومن ثم فهناك احتما أن تتعارض أهداف الربح مع القرارات طويلة المدى.بعبارة أخري تضطر المنشأة لمراقبة والتحكم في العمليات اليومية علي اعتبار أنها تؤثر في النمو والتطور غداً، ولذا فإن مفهوم قياس الأداء المتوازن يقوم علي ثلاثة أبعاد زمنية: الأمس واليوم وغداً.منذ عام 1992، اتسع نطاق الاهتمام بقياس الأداء المتوازن وقد لاحظنا أن المفهوم يلقي تجاوباً من جانب عدد كبير من المديرين التنفيذيين، وخاصة رجال الإدارة الوسطي، فقد سهل عليهم رؤية عملياتهم من منظور قياس الأداء المتوازن كعنصر موازنة بين مصالح هامة مختلفة. أما عند المستويات العليا من الإدارة فقد واجه اقتراح استخدام النسب الرئيسية والمقاييس غير المالية في التحكم والرقابة أوقاتاً عصيبة تنافس فيها مع أهداف الربح البادية في ظاهرها أكثر فعالية وعملية، ولذا فإن من المهم أن نفكر برؤية وتأن فيما نريده من قياس الأداء المتوازن وفي الفخاخ التي يمكن أن تصادفنا علي طول هذه الطريقة.في هذا الملف، سوف نركز بصفة خاصة علي الكيفية التي أثبت بها مفهوم قياس الأداء المتوازن نجاحه في عدد من الحالات العملية، فقد قادت بساطة هذا المفهوم الأساسي الأفراد إلي القيام بأشياء مختلفة باسم إدخاله، وشهدنا نحن بأنفسنا تحقق بعض الآثار النافعة وأيضاً بعض المجهودات التي لم تتخط مرحلة المناقشة، ولهذا السبب سنعطي اهتماماً خاصاً للأساليب المختلفة لتطبيق مفهوم قياس الأداء المتوازن في الواقع العملي.