قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) المائدة/الآية (1). إن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين أن يفوا بالعقود التي يقيمونها فيما بينهم، كعقود البيع والإجارة والشراكة.. أو التي يعقدها المرء على نفسه كعقد النكاح وغير ذلك. والعقد وفقاً لما هو متعارف عليه، شرعة المتعاقدين. فهو إذن ينبع من التقاء الإرادات، ويهدف إلى تأمين...
قراءة الكل
قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود) المائدة/الآية (1). إن الله سبحانه وتعالى أمر المؤمنين أن يفوا بالعقود التي يقيمونها فيما بينهم، كعقود البيع والإجارة والشراكة.. أو التي يعقدها المرء على نفسه كعقد النكاح وغير ذلك. والعقد وفقاً لما هو متعارف عليه، شرعة المتعاقدين. فهو إذن ينبع من التقاء الإرادات، ويهدف إلى تأمين المصالح المتبادلة. والغاية منه، في الحقيقة، وضع الضوابط التي تحدد حقوق وواجبات الفرقاء أو الأطراف المتعاقدة بدقة ووضوح، بحيث يترتب عليهم احترامها وعدم انتهاكها أو خرقها من المتعاقدين. والله سبحانه وتعالى عندما أمر المؤمنين بالوفاء بالعقود، فلأن هذا الوفاء معناه انتظام الضوابط التي تقوم عليها حياة الناس، ولأن المؤمنين هم أولى الناس بالالتزام بهذا الانتظام، لعلّ الآخرين يقتدون به، ويسيرون على منحاهم، فتتأمن الروابط والعلاقات بين الناس على قاعدة العدالة والإنصاف، وتنعدم الاختلافات، وتقدم التوازنات بين أنباء المجتمع الواحد، وبين غيرهم في المجتمعات الأخرى. هذا ويبني على العقود، أو يدخل فيها، ما يعرف في عصرنا الحاضر بالأحوال الشخصية. هذا الاصطلاح الأجنبي أخذ به كثير من البلاد الإسلامية وأصبح عنواناً لكل ما يتعلق بأحكام الأسرة، أي الأحكام التي تتصل بعلاقة الإنسان بأسرته، بدءاً بالزواج وانتهاءً بتصفية الميراث. وتشتمل تلك الأحكام على ما يلي: 1-أحكام الزوجية والبنوة: من خطبة وزواج، ومهر ونفقة، وحقوق الأولاد من نسب ورضا ونفقة، 2-أحكام الطلاق والتفريق للعيب والغيبة والضرر وعدم الاتفاق، 3-أحكام الميراث التي فرضها الله تعالى للأهل وذوي القربى، وتسمّى فقهاً "الفرائض" وأحكام الوصايا والأوقاف ونحوها مما يعد تصرفاً مضافاً لما بعد الموت، 4-أحكام الأهلية والولاية والوصاية على الصغير.هذا ولما كان عقد النكاح من العقود التي لها تأثير كبير ومباشر على الرجال والنساء معاً، أي على حياة البشر جميعاً، فقد اتفق جميع الأمة على أن الزواج يتمّ بالعقد المشتمل على الإيجاب والقبول من الخاطب والخطوبة، أو ممن ينوب عنها كالوكيل والولي، ولا يتم بالرضا المتبادل من غير عقد. كما اتفقوا أيضاً على أن العقد يصحّ إذا وقع بلفظ "زوّجت أو أنكحتُ" من المخطوبة أو من ينوب عنها، وبلفظ: "قبلت أو رضيت" من الخاطب أو ممن ينوب عنه. وسوف يبين المؤلف في كتابه هذا مفهوم الزواج وأهميته وتأثيره على مسار البشرية، ثم كيفية الخطبة والحكمة منها ومن ثم الحالة التي يتم فيها الزواج. ويأتي ذلك ضمن بيان المؤلف لأحكام العقود والمطعومات والمشروبات وذلك كما هو في الكتاب والسنة.