منذ أكثر من عشرين عاماً وبالتحديد في أيار/مايو عام 1982 صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب "موقف اللبنانيين من القضية الفلسطينية (1918-1952) وما هيا لأيام قليلة حتى ابتدأت القوات الإسرائيلية باجتياح لبنان، ومحاصرة بيروت والدخول إليها في أيلول/سبتمبر عام 1982، فعبثت بكل شيء بما في ذلك مكتبة مركز الأبحاث ومستودعها في شارع السادات-رأ...
قراءة الكل
منذ أكثر من عشرين عاماً وبالتحديد في أيار/مايو عام 1982 صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب "موقف اللبنانيين من القضية الفلسطينية (1918-1952) وما هيا لأيام قليلة حتى ابتدأت القوات الإسرائيلية باجتياح لبنان، ومحاصرة بيروت والدخول إليها في أيلول/سبتمبر عام 1982، فعبثت بكل شيء بما في ذلك مكتبة مركز الأبحاث ومستودعها في شارع السادات-رأس بيروت، كما نقلت محتوياتها، بما في ذلك نسخ ذلك الكتاب المشار إليه إلى خارج لبنان، ولهذا لم يقدّر لهذا الكتاب الانتشار إلا بشكل محدود، وباتت نسخه القليلة نادرة، لذا لم يتسن للقارئ اللبناني العربي الاستفادة من معلوماته ووثائقه ومستنداته التاريخية، بعد أن بات وثيقة تاريخية إذ هو يبرز من خلال تلك الوثائق والمستندات موقف لبنان من القضية الفلسطينية ما بين عهدي الانتداب الفرنسي وعهد الاستقلال (1918-1952) حيث ارتبطت القضية اللبنانية بالقضية الفلسطينية ارتباطاً وثيقاً منذ العام 1918، يوم انتهاء الحرب العالمية الأولى (1914-1918) وإحكام السيطرة الفرنسية والبريطانية على المنطقة العربية. ففي لبنان بدأت المساعي الفرنسية والطائفية لصبغه بصبغة طائفية ملّيه، بحيث تتحكم الأقلية اليهودية بالأكثرية الفلسطينية العربية. وكان من نتيجة هذه المساعي الطائفية والعنصرية أن سعت بعض القوى الطائفية الموالية لفرنسا إلى إقامة وطن قومي مسيحي في لبنان، على غرار ما سعت إليه الصهيونية في فلسطين.وكان هذا التيار السياسي قد بدأ يتنامى في لبنان، لا سيما عندما تولى الرئيس إميل إده رئاسة الجمهورية اللبنانية (1936-1941) فقد ازدادت في عهده الاتصالات اللبنانية-الصهيونية، سواء في لبنان أم في أوروبا، وازداد بيع الأراضي اللبنانية للشركات والمؤسسات الصهيونية إلا أن العديد من الشخصيات المسيحية قامت في عهد الانتداب الفرنسي، تندد بفكرة التعاون الصهيوني-اللبناني، وترفض فكرة إنشاء دولتين عنصريتين في المنطقة، واحدة في لبنان وأخرى في فلسطين.وفي عهد الاستقلال (1934-1952) تولت بعض القيادات الدينية المارونية، علانية، مهمة تأييد الحركة الصهيونية، وفي مقدمة هؤلاء المطران الماروني أغناطيوس مبارك، الذي تولى تقديم مذكرة إلى رئيس لجنة التحقيق الدولية، في 5 آب أغسطس 1947، أوضح فيها أنه يتحدث باسم "أكثرية اللبنانيين"، معرباً عن نكرانه لعروبة لبنان وفلسطين، مشيراً بالذكاء اليهودي والمسيحي "فليس من العدل أن تشرع لها القوانين أكثرية جاهلة تريد أن تفرض إرادتها"، ثم طالب بإنشاء وطنين: وطن مسيحي في لبنان، ووطن يهودي في فلسطين.ويؤكد المؤلف بأن موقف لبنان من قضية فلسطين، سواء في عهد الانتداب أم في عهد الاستقلال، كانت له وجوه إيجابية وأخرى سلبية معيبة، فقد وقف الكثير من المسؤولين الرسميين والشعبيين يدافعون عن قضية شعب فلسطين، في حين وقف البعض الآخر موقفاً مناوئاً.ويتابع المؤلف ومن خلال صفحات هذا الكتاب عرض موقف لبنان من القضية الفلسطينية ما بين عهدي الانتداب الفرنسي وعهد الاستقلال مشيراً في هذا الصدد بأن الهدف من إعادة طبع كتابه هذا، دون إدخال أي تعديل عليه ينطلق من إيمانه من مبدأ الاستفادة من الماضي لبناء الحاضر والمستقبل بالإضافة إلى ذلك فإن الهدف من تأليفه أو إعادة طبعه ليس المس بأي حزب أو جمعية أو طائفة أو سياسي أو دولة، لأن الكاتب في الأساس يرصد التيارات السياسية والطائفية واتجاهاتها وأهدافها دون تمييز سياسي أو طائفي أو مناطقي، موصلاً القارئ إلى حقائق تاريخية طالما حرص الكثيرون للوصول إليها.