ما يزال موضوع الهوية من أكثر الموضوعات إثارة للجدل في الأوساط الفكرية، العربية منها والغربية، وكتاب "الهويات المتعددة للشرق الأوسط" للمؤرخ المعروف "برنارد لويس" خير تعبير عن هذا الإهتمام، وبالتحديد في الشرق الأوسط، الذي رأى فيه لويس أنه اصطلاح غربي يرجع تاريخه إلى القرن العشرين، وهو شهادة صارخة على القوة والتأثير المستمر للغرب، ...
قراءة الكل
ما يزال موضوع الهوية من أكثر الموضوعات إثارة للجدل في الأوساط الفكرية، العربية منها والغربية، وكتاب "الهويات المتعددة للشرق الأوسط" للمؤرخ المعروف "برنارد لويس" خير تعبير عن هذا الإهتمام، وبالتحديد في الشرق الأوسط، الذي رأى فيه لويس أنه اصطلاح غربي يرجع تاريخه إلى القرن العشرين، وهو شهادة صارخة على القوة والتأثير المستمر للغرب، ذلك أن هذا المصطلح، ذو معنى من منظور غربي فقط. صار يستخدم في جميع أرجاء العالم، حتى من قبل شعوب هذه المنطقة للإشارة إلى بلدانهم الخاصة ويعتبر إن هذا الأمر ملفت جداً في عصر التوكيد الذاتي قومياً وجماعياً وإقليمياً، خاصة وأن هذا التوكيد يتم في أغلب الأحيان بطريقة مضادة للغرب.تتعدد المحاور التي يناقشها لويس في مؤلفه هذا ما بين الدين، والعرق واللغة، ومفهوم الوطن، الأمة، الدولة، الرموز ... إلى آخر ذلك.فإذا ما أخذنا محور الدين يعتبر لويس أن الإسلام محدداً رئيسياً للهوية، وبالتالي يعطي حق الإدعاء الرئيسي بالولاء له. ففي معظم البلدات الإسلامية يقوم التفريق الأساسي بين الولاء والعصيان على الدين، وإن الإختيار الأول في الإسلام، على خلاف المسيحية، لا يكون في اتباع صحيح الدين والعقيدة، رغم أهمية هذا، بل الأهم هو الولاء للجماعة والإمتثال لها. وبما أن الإمتثال الديني هو الإشارة الخارجية للولاء، بالتالي تكون الهرطقة هي العصيان (الخروج عن الولاء) ويكون الإرتداد عن الدين خيانة ...إن خلاصة ما توصل إليه برنارد لويس في عمله هذا، هو أن الجزء الأساسي من عملية تحديد الهوية هو الخط الذي يفصل ويقسم الذات عن الآخر، الداخلي عن الخارجي. وتتطلب التحديدات المختلفة للهوية خطوطاً مختلفة، ويمكن لهذه الخطوط أن تتغير عبر الأزمنة لأن تشكل تقسيماً واضحاً يحدد من نحن ومن هم.وفي النهاية تعد عملية تحديد الآخر المختلف جزء مهم لتحديد الذات والهوية معاً ...