"الطيب الذي لا يجيد رواية القصص والحكايات فضلاً عن أن ما يرويه لا يثير غالباً انتباه الآخرين تتملكه بين وقت وآخر رغبة قوية في أن يكون محط أنظار الجميع فيشاكس "البرني" ساخراً منه ومنتقصاً من قيمة أعزّ شيء إلى نفسه. يحب حماس البرني ويلتذ برؤيته وهو يتطلع حوله بعينيه الضائعتين داخل محجريهما، بل يفرح أحياناً حين يسميه الأعمى، فهو يش...
قراءة الكل
"الطيب الذي لا يجيد رواية القصص والحكايات فضلاً عن أن ما يرويه لا يثير غالباً انتباه الآخرين تتملكه بين وقت وآخر رغبة قوية في أن يكون محط أنظار الجميع فيشاكس "البرني" ساخراً منه ومنتقصاً من قيمة أعزّ شيء إلى نفسه. يحب حماس البرني ويلتذ برؤيته وهو يتطلع حوله بعينيه الضائعتين داخل محجريهما، بل يفرح أحياناً حين يسميه الأعمى، فهو يشعر في أعماقه أن هذه الصفة التي يصر عليها البرني ليست شتيمة إذا وردت في مثل هذا السياق. إنها بالعكس تعبير عن شيء من الودّ والمحبة والحميمية... أما البرني فإنه يحوّل كل هجوم إلى فرصة للتباهي بساعته مركزاً في كل مرة على فضائل ومزايا نسيها أو أشار إليها بسرعة في المرات السابقة. ويبلغ التباهي ذروته حين يردّ في سياق دفاعي إثر هجوم واضح ومتعمد تماماً كالذي يشنه الطيب بين وقت وآخر".نحن في هذه الرواية أمام أربعة شيوخ مسنين يبدون مثل أطفال، لكنهم يقدّمون عالماً يفصح عن كل ما يعرّي الشيوخ المسنين من مشاعر لا يحبون الإفصاح عنها، كغروب حياتهم الجنسية، كمثول الموت في هيئتهم، في أجسادهم النحيلة، الساكنة في زمن ميّت مرهون للتأمل والكلام. أربعة شيوخ مسنين، يعشق اثنان منهم المرأة نفسها التي سيتزوجها فيما بعد ابن أحدهما. حول هذه المواضيع تدور رواية "حبيب السالمي" التي يسردها بلغة بسيطة شفافة ترتقي بحواراتهم الساذجة إلى مستوى فني رفيع.