إن العقل البشري نعمة إلهية عظيمة، فهو أداة الوعي والإدراك والتواصل ما بين الإنسان وأخيه الإنسان وكل ما يحيط به من مخلوقات. وقد جعل التشريع الإسلامي للعقل البشري مكانة خاصة فاعتبره أساس التكاليف الشرعية، وجعل الجناية التي تؤدي إلى تلفه جناية كاملة تعدل قتل الإنسان.وقد شاءت حكمة الخالق عزّ وجلّ أن يتفاوت البشر في قدراتهم العقلية، ...
قراءة الكل
إن العقل البشري نعمة إلهية عظيمة، فهو أداة الوعي والإدراك والتواصل ما بين الإنسان وأخيه الإنسان وكل ما يحيط به من مخلوقات. وقد جعل التشريع الإسلامي للعقل البشري مكانة خاصة فاعتبره أساس التكاليف الشرعية، وجعل الجناية التي تؤدي إلى تلفه جناية كاملة تعدل قتل الإنسان.وقد شاءت حكمة الخالق عزّ وجلّ أن يتفاوت البشر في قدراتهم العقلية، ليقوم كل مهم بالأعمال التي تتناسب مع قدراته العقلي، فتتكامل مصالح العباد ويقومون مجتمعين بواجب الخلافة وعمارة الأرض، وفي هذا الإطار يندرج ذلك التفاوت المثير للجدل ما بين الملكات العقلية للرجل والملكات العقلية للمرأة.كما شاءت حكمته سبحانه أن يكون لكل أمة من أمم الأرض عقلية مميزة لها تختلف عن عقليات الآخرين، لينشأ عن هذا الاختلاف والتنوع تفاعل خلاّق بين الأمم، ويتنافسوا في ميادين الحياة المختلفة، وتقوي أواصر التواصل بينهم، وتعمّر الأرض. وأما ما يثار بين الحين والآخر من إشكاليات ملتبسة حول العلاقة بين العقل والوحي، أو بين الحكمة والشريعة، فهي إشكاليات يحسمها إيماننا بأن خالق العقل هو نفسه منزّل الوحي، فلا يُتصور عقلاً ولا ديناً أن يكون هناك تعارض بين العقل والوحي، وإذا ما ظهر لنا مثل هذا التعارض فهو تعارض موهوم، يعود إما لقصور في تقدير عقولنا، وإما إلى قصور في فهمنا أو تأويلنا للوحي الإلهي؛ فما هي ماهية العقل الذي هو هذه المجموعة من الخلايا التي يتألف منها الدماغ البشري؟ وما هي آلية عمله!! وما الذي يمثله في حياة الكائنات عموماً وعند البشر خصوصاً؟!! هذا ما يحاول المؤلف الكشف عنه من خلال هذه الدراسة العلمية المستفيضة التي تاقت إلى استجلاء ماهية عقل الإنسان على ضوء الفلسفة والطب والقرآن.تتجلى للقارئ في هذا الكتاب عظمة الخالق فيما خلق، فعضوٌ ليِّن من نسيج خاص، محفوظة في صندوق عظمي، تتحكم بأفكارنا وعواطفنا وشخصيتنا وشعورنا ووعينا، إنها الدماغ الذي كان وراء تطور الأمم ومختلف الاختراعات، والذي إذا ما استخدم بشكل صحيح صنع العجائب.في الدماغ يعقل الإنسان الأشياء... وفيه تخزِّن الحواس ما تسمع وترى، أو تلمس وتشمّ... وهذه هي بعض مواضيع الكتاب الذي يتناول بالبحث المعمَّق آلية عمل الدماغ، وتغذيته، وأسراره، وعلاقته بالأعضاء الأخرى، وأمراضه واختلاف الإنسان عن بقية المخلوقات بالتفكير والعقل، وأفق العقل، ونظرة الفلسفة والدين إليه. وبذلك فقد شمل البحث فعلاً عقل الإنسان في الفلسفة والطب والقرآن. وشارك فيه عدد من العلماء والأساتذة المختصين ليأتي متكاملاً ويسدًّ ثغرة في المكتبة العربية. إنه يليق بالعقل ويهم العقلاء.