غالباً ما نستهين بالأشياء التي تتزايد ألفتنا بها تدريجياً. فهمها كانت الأشياء مدهشة بروعتها، فإنا نتوقف عن ملاحظتها ونكاد نتجاهلها إذا كنا نلتقيها أو نعايشها يومياً. والجسم البشري هو مثل فائق على ذلك. إن جسمك أيها القارئ، مثال رائع من الهندسة الحيوية. فتحت جلده توجد مئات العضلات والعظام والأوعية الدموية والغدد والأجزاء الأخرى، ا...
قراءة الكل
غالباً ما نستهين بالأشياء التي تتزايد ألفتنا بها تدريجياً. فهمها كانت الأشياء مدهشة بروعتها، فإنا نتوقف عن ملاحظتها ونكاد نتجاهلها إذا كنا نلتقيها أو نعايشها يومياً. والجسم البشري هو مثل فائق على ذلك. إن جسمك أيها القارئ، مثال رائع من الهندسة الحيوية. فتحت جلده توجد مئات العضلات والعظام والأوعية الدموية والغدد والأجزاء الأخرى، التي تعمل ليل نهار-فيما الدم يندفق نباضاً غبر الشرايين والأوردة، والطعام يمر عبر الأمعاء، والإشارات الكهربائية تنطلق على امتداد الأعصاب.لكن هل يخطر ببالك التأمل في هذا الحشد المعقد المذهل من العمليات والأنشطة والتراكيب التي هي جسدك وأنت تنظر ي المرآة كل صباح وتشاهد ذلك الوجه المألوف؟ المرجح أنك ستجيب سلباً. إنك حينما تشرع بتعرف تراكيب جسدك وأنشطتها ستعن لك تساؤلات لا تنقطع-كيف تحرك العضلات جسمك؟ ولماذا تتنفس؟ وماذا يحدث للطعام بعدما تبتلعه؟ ولماذا لون دمك أحمر؟ ومتى يكتمل نماء الجسم؟ ولماذا أنت تشبه أبويك؟إن هذا الكتاب يجيب عن هذه التساؤلات وعن كثير غيرها بطريقة عملية عيانية مثيرة وممتعة. يصف الفصل الأول من هذا الكتاب كامل الجسم وتراكيبه ومعالمه الرئيسية. ثم يعالج كل فصل من الفصول التالية أحد أجهزة الجسم الرئيسية. يتألف الجهاز أو المنظومة الجسدية من مجموعة أعضاء وأجزاء جسدية أخرى تعمل معاً لأداء وظيفة أساسية ضمن كامل الجسم-كالقيام بمختلف حركات الجسم وابتلاع الطعام وهضمه، وتوصيل الدم وتجميعه، وإبصار وشم وسماع ما يحدث في العالم الخارجي حوالينا. ولأعضاء نفسها تتألق من أنسجة متخصصة-تتألق بدورها من خلايا مجهرية. وفي كل ثانية، حتى ونحن نيام، تتولد ملايين الخلايا وتموت ملايين أخرى فيما الجسم يقوم بصيانة وترميم نفسه. ويضم الكتاب صوراً فوتوغرافية مجهرية دقيقة التفاصيل تبين أشكال الخلايا وطرائق عملها.كذلك يزخر الكتاب بالمشاريع والتجارب لجميع أفراد العائلة-البعض منها مأمون يمكن للناشئين إجراؤه بأنفسهم، والبعض الآخر قد يستدعي إشراف الراشدين.وجديد بالذكر أن إجراء الكثير من التجارب في هذا الكتاب لا يتطلب سوى بعض حواضر البيت وأشياء مألوفة تتوفر في البيئة حولنا. وقد تتطلب بعض التجارب الدقيقة التفاصيل زمناً وجهداً أكبر. لكن العدة الأهم التي تتطلبها كل التجارب-هي أنت. إذ عليك أن تتقصى مباشرة طريقة نموك وتطورك وكيفية قيام جسمك بوظائفه الداخلية. وكلما ازدادت معرفتك بالجسم وطرائق عمله يزداد افتتانك بروعة هذا الجسم وتمجيد خالقه، فتزداد عنايتك به والسهر على بقائه سليماً معافى، تنعم فيه بحياة مديدة عامرة بالحيوية والفاعلية والنشاط.