كانوا يطلقون عليه سرًا اسم الرجل الأول "مكرر".ارتبط اسمه برتبته العسكرية: "المشير"، واختارت دائرته المقربة أن تناديه "يا ريس".. لكن نفوذه الأبرز ظل حتى النهاية مستوحى من صفته الأهم: صديق الرئيس.وصداقة الرجل الأول فـي بلادنا تعني الكثير.كانا معـًا فـي كل مكان: الكلية الحربية فـي القاهرة عام 1937، السودان عام 1941، حرب فلسطين 1948...
قراءة الكل
كانوا يطلقون عليه سرًا اسم الرجل الأول "مكرر".ارتبط اسمه برتبته العسكرية: "المشير"، واختارت دائرته المقربة أن تناديه "يا ريس".. لكن نفوذه الأبرز ظل حتى النهاية مستوحى من صفته الأهم: صديق الرئيس.وصداقة الرجل الأول فـي بلادنا تعني الكثير.كانا معـًا فـي كل مكان: الكلية الحربية فـي القاهرة عام 1937، السودان عام 1941، حرب فلسطين 1948، إنشاء وتكوين تنظيم الضباط الأحرار الذي قاد ثورة 23 يوليو 1952.مدنٌ وشوارع ومنازل لا تُنسى، التقت فيها مصائر الرجلين الأول و"الأول مكرر"، حتى انتهى الأمر بينهما بموتٍ مأساوي.الفراق بين الصديقين حمل عنوانـًا لافتـًا: الحُبّ.. والحرب.وما بين الحُبّ والحرب حرف واحد.. وعلاقة من أخطر ما يكون.الحُبّ كان اسمه برلنتي.. والحرب كان قناعها حرب السويس 1956 وجوهرها حرب يونيو 1967.والأكيد أن ما أقامته الصداقة بين جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر فـي سنوات، هدمته حرب يونيو 1967 فـي ساعات.لقد ابتلعت الهزيمة العسكرية كل ما أمامها، وتدحرجت رؤوس على مذبح السلطة.. وكانت رأس عبدالحكيم عامر أبرز تلك الرؤوس التي أسقطتها حرب 1967.وتبقى قصة المشير عبدالحكيم عامر مأساةً تستحق أن تُروى، فالصداقة القوية بين عبدالناصر وعامر دفعت الأول للتراجع فـي أكثر من مناسبة كلما احتدم الخلاف مع المشير لحرصه على العلاقة الشخصية بينهما، الأمر الذي أعطى عامر حقوقـًا يرى كثيرون أنها أكثر مما يستحق.وفـي المقابل، يؤمن أنصار المشير عامر بأنه تحول إلى كبش فداء فـي محرقة ما بعد حرب يونيو 1967، وأنه ليس المسؤول الأول أو الوحيد عن تلك الهزيمة العسكرية لمصر والعرب.كان عامر يقولُ عن نفسه: "أنا لا أفهم فـي السياسة.. أنا أفهم فقط أن الخط المستقيم أقصر مسافةٍ بين نقطتين".وبالرغم من ذلك، فقد تنقل عامر بين أرفع المناصب السياسية، وقاد المؤسسة العسكرية لكي تكون درعـًا للسلطة التنفيذية.وإذا كان عامر قد نجح فـي أن يصبح السند الأساسي والأمين للنظام طيلة السنوات الأربع عشرة التي قاد خلالها القوات المسلحة، فإن الأكيد بالمقابل هو أن ثمن ذلك كان باهظـًا على تركيبة النظام وسمعته وأدائه.والشاهد أن عبدالناصر كرر خطأ الملك فاروق، وكأن الجمهورية فـي مصر تسير على خُطى الملكية.. حتى فـي أخطائها.يقول الكاتب الصحفـي محمد حسنين هيكل إن المشير عامر لبعض الفترات ونتيجة للظروف كان أحبَ أعضاءِ مجلس قيادة الثورة إلى جمال عبدالناصر. ويرى هيكل أن جزءًا من مأساة 1967 كان نتيجة حُبِّ عبدالناصر لعامر، ذلك أن هذا الحُبّ حال دون أن يقتنع عبدالناصر بدرجةٍ كافية بأن عبدالحكيم عامر لا يصلح للقيادة.وبكلماتٍ دالة، يقول هيكل: "إن عبدالحكيم عامر كان نصف فنان ونصف بوهيمي، ولطيفـًا جدًا، ولكنه عسكريـًا توقف عند رتبة الصاغ، أي أنه يستطيع أن يقود كتيبة لكنه لا يستطيع أن يقود جيشـًا" .