تكلم المشترع اللبناني عن الهبة في الكتاب الثالث من قانون الموجبات والعقود الصادر في آذار سنة 1932 وحدد الهبة بأنها تصرف بين الأحياء بمقتضاه يتفرغ المرء لشخص آخر عن كل أمواله أو عن بعضها بلا مقابل (المادة 504م.ع).المواد القانونية التي تناولت قضايا الهبة (المواد 504 حتى 532) فسرت طبيعة الهبة وطريقة إنشائها، والأشخاص الذين يمكنهم أ...
قراءة الكل
تكلم المشترع اللبناني عن الهبة في الكتاب الثالث من قانون الموجبات والعقود الصادر في آذار سنة 1932 وحدد الهبة بأنها تصرف بين الأحياء بمقتضاه يتفرغ المرء لشخص آخر عن كل أمواله أو عن بعضها بلا مقابل (المادة 504م.ع).المواد القانونية التي تناولت قضايا الهبة (المواد 504 حتى 532) فسرت طبيعة الهبة وطريقة إنشائها، والأشخاص الذين يمكنهم أن يهبوا -أو يقبلوا الهبة- كما ومفاعيل الهبة وكيفية الرجوع عنها أو تخفيضها.القانون المدني السورية الصادر بتاريخ 18/5/1949 حدد في المادة 454 الهبة بأنها عقد يتصرف بمقتضاه الواهب في مال له دون عرض ويجوز للواهب -دون أن يتجرد عن نية التبرع- أن يفرض على الموهوب له القيام بالتزام معين.المادة 524 من القانون المدني الكويتي عرفت بالهبة بأنها، عقد على تمليك مال في الحال بغير عوض ويبدو أن المشترع الكويتي قد أخذ التعريف نفسه الذي أتت به المادة 833 من مجلة الأحكام العرفية والتي تصت أن "الهبة تمليك مال لآخر بلا عوض".القانون اللبناني لم يوجب -كالقانون الفرنسي- شكلاً خاصة لقيان الهبة كالشكل الرسمي، فتبقى خاضعة في إنجازها للقواعد العامة للعقود والموجبات مع مراعاة بعض أحكام خاصة منصوص عليها بالمادة 507 وما يليها من قانون الموجبات والعقود وتتم الهبة عندما يقف الواهب على قبول الموهوب له إلا أنه يبقى للواهب حق الرجوع عن العرض ما دام القبول لم يتم. مع الإشارة إلى أنه يجوز للصغير المميز أن يقبل الهبة المجانية -غير المقيدة بشرط- إلا أن ذلك لا يحول دون قبولها نيابة عنه من قبل وليه الجبري أو ممثله القانوني.كما أجاز القانون (المادة 514 م.ع/لبناني) للواهب أن يهب رقبة الملك لشخص -وحق استثماره لشخص- أو لعدة أشخاص آخرين، كما يمكنه أن يحفظ لنفسه هذا الاستثمار وقد اعتبر الاجتهاد إن احتفاظ الواهب بحقه في الانتفاع بالمال الموهوب -مدى حياته- لا يتحتم معه وجوب اعتبار العقد وصية ولا يتعارض مع تنجيز التصرف.قوانين الأحوال الشخصية ربطت قواعد الهبة وأركانها الرئيسية بقوانين كل طائفة مما يستدعي القول -وإلى حين صدور قانون موحد للأحوال الشخصية في لبنان- بوجوب توحيد الاجتهاد الصادر حول قضايا الهبة وتشعباتها وتباين بعض الأحكام مع النصوص النافذة بحيث طعن الاجتهاد على صراحة النصوص والتي أتت صياغتها منذ الأساس، عامة أو لنقل غير واضحة.يأتي هذا الكتاب الجديد من سلسلة "الموسوعة القضائية" ليشرح الهبة وقضاياها في لبنان من خلال الاجتهاد القانوني بحيث أن محاولتنا تندرج تحت باب: الدراسة المقارنة سيما بعد أن نشرنا قواعد الهبة وأحكامها في عدد من الدول.